في مقالة نشرت في صحيفة نيويورك تايمز كتب الصحفي يواندي كومولافي رصدها اخبار السودان عن قصة الشاي المتبل السوداني، مشيراً إلى ارتباط هذا المشروب بالثقافة والطقوس الاجتماعية في المنطقة. المقال تناول مقولة شائعة بين المبدعين الصوماليين على منصة تيك توك تقول: “يا إلهي، لا تجعلنا نسكن في بيت لا يُصنع فيه الشاي”، في إشارة إلى مكانة الشاي في الحياة اليومية. بالنسبة إلى إفراح أحمد، الكاتبة والطاهية ذات الأصول الصومالية والمساهمة في قسم الوصفات في نيويورك تايمز كوكينغ، فإن الشاي يمثل رابطاً شخصياً مع ذكريات الطفولة. فقد نشأت على شرب “عانو إيو شاه” أو الشاي بالحليب، حيث كانت والدتها تحضر الشاي الأسود وتضيف إليه التوابل والزنجبيل الطازج المطحون، مع السكر والحليب كامل الدسم أو مسحوق حليب “نيدو”.
السودان
قالت سمر بنغاوي، الكاتبة السودانية وطالبة الطب في سنتها النهائية بالجامعة الأوروبية في تبليسي، إن الشاي الساخن في السودان ليس مجرد مشروب جانبي بل يعد البطل الرئيسي في الحياة اليومية. وأوضحت أن ثقافة الشاي في السودان أكثر تحديداً، حيث يُصنع عادة من الشاي الأسود ويُغلى مع الأعشاب والتوابل. يُقدم شاي الحليب في الصباح الباكر أو في نهاية اليوم، بينما يُستخدم الشاي الأسود بعد وجبات دسمة مثل الغداء. وأكدت أن تقديم الشاي الأسود عند استقبال الضيوف أو في المناسبات الاجتماعية سواء كانت احتفالية أو مرتبطة بالحداد يعد قاعدة نابعة من الاحترام.
نيجيريا
روى الكاتب تجربته الشخصية في لاغوس، نيجيريا، حيث كان الشاي جزءاً بسيطاً وغالباً ما يتم تجاهله في الحياة اليومية. كان الشاي يشير إلى أي مشروب دافئ سواء كان شاياً أسود أو شوكولاته ساخنة، وغالباً ما يُحلى ويُخفف بالحليب. كان الناس يحملون أكواب الشاي الساخنة في أيديهم ويتحدثون وهم يحتسون المشروب بحثاً عن الدفء. مثل حساء الفلفل الذي يُستهلك حتى في أشد أيام السنة حرارة، كان الشاي وسيلة للشعور بالاسترخاء والتدفئة الداخلية. ومع مرور الوقت بدأ الكاتب في استكشاف طقوس الشاي في أنحاء أفريقيا، متذوقاً ومحضراً أنواعاً مختلفة من الشاي الأسود مع التوابل والمحليات مثل العسل والسكر البني وشراب القيقب، ليصل إلى الشاي السوداني المعروف باسم “المقنن” أو شاي الحليب المحروق، الذي يشكل بداية يوم لملايين الأشخاص في شمال شرق أفريقيا وخارجها.
المقنن
شاي المقنن يتميز بمزيج عطري ولمسة لطيفة ويُحضّر دائماً ساخناً وحلواً. الهيل والقرنفل عنصران أساسيان، ويمكن تعزيز النكهة بإضافة الحليب والقرفة والزنجبيل والبهارات والفلفل الأسود وفقاً لذوق الضيف أو الطاهي. يُطهى الحليب تقليدياً حتى يتحول لونه إلى بني ويتكرمل، بطريقة مشابهة لصنع “دولسي دي ليتشي”. يُنقع الشاي الأسود في إبريق منفصل مع التوابل ويُحلى بالسكر، ثم يُسكب في الحليب الساخن. يدخل دبس السكر ليضيف نكهة عميقة مميزة، فيما يُعتبر غلي الشاي شكلاً من أشكال الفن. الشرط الأساسي هو تقديمه ساخناً، حيث يوصف بأنه يمنح شعوراً بالشفاء والتخلص من الأعباء.
التواصل
مشاركة كوب من الشاي سواء كان بالحليب المحروق أو الشاي الأسود العادي تولّد تواصلاً وترابطاً وتأملاً، وتوفر فرصة لإعادة التواصل مع الأشخاص الذين يجلبون السعادة. قالت سمر بنغاوي إن الشاي في السودان يعد نمط حياة بحد ذاته، مؤكدة أن زيارة شخص أو التعرف عليه أو الاطمئنان عليه لا تخلو أبداً من وجود كوب شاي جاهز في استقباله.
الوصفة
شاي المقنن، وهو نمط من شاي الحليب السوداني، يُحضّر عادة بطهي الحليب حتى يتحول لونه إلى بني ذهبي غامق. يُغلى الشاي الأسود في إبريق منفصل مع التوابل والسكر، ثم يُسكب برفق في الحليب المحمّر. يتبع ذلك فوران وتطاير، وقد يحتاج الشخص غير المعتاد على الطريقة إلى تفادي الرذاذ لتجنب حروق الحليب الساخن. يمكن استخدام دبس السكر لإضافة نكهة قوية تحاكي الطعم الناتج عن طهي الحليب لفترة طويلة. هذه الطريقة المختصرة تنتج مشروباً مشابهاً يمكن الاستمتاع به في أي وقت بمفرده أو مع البسكويت أو الكعك المفضل.
التحضير
لتحضير أربعة أكواب من شاي المقنن خلال خمسة عشر دقيقة، تُستخدم أربعة أكواب من الحليب سواء كان حليب أبقار أو بديلاً نباتياً غير محلى، وثلاث ملاعق كبيرة من دبس السكر أو ربع كوب من السكر البني الداكن، مع رشة ملح. تضاف ملعقة كبيرة من حبوب الهيل المفتوحة، وخمس حبات يانسون نجمي مكسورة، وملعقة صغيرة من القرنفل الكامل، وملعقة صغيرة من الزنجبيل المطحون، وعودان من القرفة، وأربع ملاعق كبيرة من أوراق الشاي الأسود السائبة أو محتويات ستة إلى ثمانية أكياس شاي. يُغلى كوبان من الحليب مع دبس السكر والملح والتوابل، ثم يُترك على نار هادئة لمدة ثماني دقائق. يُضاف الشاي ويُترك لينقع مع التوابل لمدة دقيقة واحدة، ثم يُرفع القدر عن النار ويُضاف إليه باقي كمية الحليب. يُصفى المشروب باستخدام مصفاة شبكية ناعمة ويُقسم على أربعة أكواب ويُقدم فوراً.
