في تطور أثار موجة من التساؤلات داخل الأوساط السياسية والإعلامية، غاب رئيس الوزراء السوداني الدكتور كامل إدريس عن المشهد العام خلال الأيام الماضية، وسط أنباء غير مؤكدة عن وجوده في سويسرا لتلقي العلاج، في وقت لم يصدر فيه أي توضيح رسمي من مكتبه أو وزارة الإعلام أو أي جهة حكومية أخرى بشأن طبيعة هذا الغياب.
الصحفي عزمي عبدالرزاق، المقرب من رئيس الوزراء، اعتبر أن غياب إدريس في هذه المرحلة الاستثنائية يمثل علامة استفهام كبيرة، مشيراً إلى أن رئيس الوزراء لم يظهر للعلن منذ أكثر من عشرة أيام، ولم يقم بزيارة معسكرات النازحين في الدبة، ولم يطرح أي مبادرة جديدة، كما لم يعقد اجتماعاً لمجلس الوزراء أو يسعى لإعادة الحكومة إلى الخرطوم لترميم مركز الدولة. وأوضح أن هذا الغياب جعله يبدو الحلقة الأضعف داخل منظومة الحكم، في وقت يحتاج فيه المواطنون إلى قيادة حاضرة وقادرة على تحفيزهم للعودة ومواجهة التحديات.
بحسب عبدالرزاق، فإن هذا الغياب لا يعد ظرفاً طارئاً أو مرتبطاً بلحظة معينة، بل هو امتداد لحالة من الانكفاء منذ اليوم الأول لتولي إدريس منصبه، حيث لم يظهر حضوراً يوازي حجم التحديات، ولم يحقق حتى الوعود الرمزية التي تحدث عنها سابقاً مثل “شمعة الأمل”. وأكد أن المشكلة لا تتعلق بصلاحياته، إذ يتمتع بكامل الاستقلالية، وإنما ترتبط بشخصيته التي توصف بالتردد والسكون، وعجزه عن اتخاذ قرارات حاسمة، إلى جانب الأداء الاستعراضي الضعيف، وإصراره على الاعتماد على كوادر تفتقر إلى الخبرة والكفاءة في إدارة الدولة.
هذا الواقع، وفق ما أشار إليه عبدالرزاق، يفتح الباب أمام نقاش جدي حول ضرورة ترشيح رئيس وزراء بديل، مؤكداً أن المسألة لا ترتبط بشخص إدريس وحده رغم رمزية وجود رئيس وزراء مدني، بل تتعلق بقدرة المنصب على الاستجابة لتضحيات الشعب السوداني الذي قدم الكثير ولا يزال متمسكاً بقضيته، ويستحق قيادة تتحمل المسؤولية بكفاءة واحترام لتطلعاته وكرامته. وأضاف أنه كان من أكثر المتحمسين لوجود إدريس ودافع عنه في السابق، لكنه خيّب الآمال، معلناً أنه سيكتب لاحقاً بالتفصيل عن أسباب ضرورة رحيله.
من جانبه، قال الصحفي عبدالماجد عبدالحميد إنه تواصل في نهاية الأسبوع الماضي مع مصدر مأذون في مكتب رئيس الوزراء ليستفسر عن خبر يتعلق بسفر إدريس المفاجئ إلى خارج البلاد بعيداً عن الأضواء. وأكد له المصدر صحة الخبر، موضحاً أن الرحلة خاصة، وأنه سيكشف مزيداً من التفاصيل خلال يومين أو ثلاثة. وأوضح عبدالحميد أنه شدد على أن رئيس الوزراء ليس موظفاً عادياً، بل الرجل الثاني في الدولة من حيث الأهمية والأول من حيث التراتبية التنفيذية، وبالتالي فإن غيابه عن المشهد المعقد لا يمكن أن يمر دون تساؤلات.
أضاف عبدالحميد أنه كان قد امتنع عن نشر الخبر في البداية حتى لا يُتهم بترصد رئيس الوزراء، لكنه أشار إلى أن ما توقعه حدث بالفعل، حيث تم تسريب خبر السفر وتناسلت التعليلات والتكهنات حول دواعي الغياب. وأكد أن هذا الأمر قد يؤدي إلى اتساع دائرة الشائعات إذا لم يصدر مكتب رئيس الوزراء تصريحاً أو توضيحاً رسمياً يشرح أسباب السفر، مشيراً إلى أن الأصوات المطالبة برحيل إدريس قد تتزايد، على غرار ما كتبه الصحفي عزمي عبدالرزاق الذي فاجأ الكثيرين بمطالبته العلنية بتنحي رئيس الوزراء.
