في خطوة تعكس تصاعد القلق الدولي إزاء الأوضاع الإنسانية في شمال دارفور، اعتمد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قراراً يقضي بتكليف بعثة تقصي الحقائق المستقلة بإجراء تحقيق عاجل وشامل في الجرائم والانتهاكات التي شهدتها مدينة الفاشر، وذلك خلال جلسته الاستثنائية المنعقدة يوم 14 نوفمبر 2025.
رحّبت مجموعة محامو الطوارئ، الخميس، باعتماد مجلس حقوق الإنسان القرار المتعلق بالأوضاع الإنسانية والحقوقية في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور، والذي تم تمريره دون تصويت. واعتبرت المجموعة أن تمرير القرار بالإجماع يعكس إدراكاً دولياً لخطورة الانتهاكات المرتكبة بحق المدنيين وضرورة التدخل العاجل لوقفها. وأكد بيان صادر عن المجموعة، الجمعة، أن القرار نصّ على تكليف بعثة تقصي الحقائق المستقلة التابعة للأمم المتحدة بإجراء تحقيق شامل، يتضمن جمع الأدلة وتحديد المسؤولين عن الانتهاكات ورفع توصيات ملزمة لمنع الإفلات من العقاب.
أعربت مجموعة محامو الطوارئ عن شكرها للدول التي بادرت بطلب عقد الجلسة الاستثنائية ودعمت اعتماد القرار، وفي مقدمتها المملكة المتحدة والدول الأعضاء في مجموعة النواة، بما يشمل ألمانيا وإيرلندا وهولندا والنرويج، إضافة إلى الدول التي أيدت القرار وساهمت في تمريره دون اعتراض. وأشارت المجموعة إلى أن هذا الموقف يعكس التزاماً دولياً مهماً بحماية المدنيين وتعزيز المساءلة والعدالة، مؤكدة أن الدعم الدولي يمثل خطوة أساسية نحو ضمان عدم إفلات مرتكبي الجرائم من العقاب.
طالبت المجموعة الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بوقف جميع الانتهاكات فوراً وضمان حماية المدنيين وتأمين حرية التنقل وسلامتهم داخل وخارج مدينة الفاشر. كما شددت على ضرورة تسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المتضررة، بما يشمل الغذاء والمياه والإمدادات الطبية والخدمات الأساسية. ودعت إلى التعاون الكامل مع بعثة تقصي الحقائق ومنحها الوصول إلى جميع المواقع المتضررة وتزويدها بالمعلومات الضرورية للتحقيق، مع توفير الحماية للشهود وأعضاء البعثة من أي تهديد أو مضايقة.
أكدت مجموعة محامو الطوارئ أن التزامات الطرفين تشمل الالتزام بالقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، والامتناع عن ارتكاب أي أعمال ترقى إلى جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية. كما شددت على ضرورة عدم التلاعب بالأدلة أو تدميرها، والسماح بنشر نتائج التحقيق ورفعها إلى مجلس حقوق الإنسان. وأوضحت أن تقديم المسؤولين عن الانتهاكات للعدالة، سواء عبر الآليات القضائية الدولية أو الوطنية، يمثل شرطاً أساسياً لضمان المساءلة وعدم حماية أي عنصر يثبت تورطه.
جددت المجموعة استعدادها الكامل لدعم جهود بعثة تقصي الحقائق وتقديم البيانات القانونية اللازمة بما يسهم في حماية المدنيين وتحقيق العدالة في الفاشر وعموم السودان. وأكدت أن التعاون مع البعثة يمثل جزءاً من مسؤوليتها القانونية والأخلاقية في مواجهة الانتهاكات التي شهدتها المدينة خلال الفترة الأخيرة.
في السادس والعشرين من أكتوبر، سيطرت قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر، آخر معاقل الجيش السوداني في إقليم دارفور، ما أدى إلى موجة واسعة من الانتهاكات رافقت عمليات السيطرة. وشملت تلك الانتهاكات حالات قتل واستهداف للمدنيين، ونهب ممتلكات عامة وخاصة، واعتقالات تعسفية، إضافة إلى تقييد حركة السكان ومنعهم من الخروج الآمن من المدينة.
ويشهد السودان منذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل 2023 وضعاً إنسانياً بالغ الخطورة، تخللته موجات نزوح واسعة، وانهيار للخدمات الأساسية، وتدهور في الوضع الصحي والغذائي، إلى جانب اتساع رقعة الانتهاكات ضد المدنيين في مختلف المناطق. وتؤكد هذه التطورات أن الأزمة السودانية باتت تمثل تحدياً إنسانياً وأمنياً متصاعداً يستدعي تدخلاً دولياً عاجلاً.
