في سياق تصاعد التوترات السياسية والإنسانية في السودان، أعلن وزير الخارجية والتعاون الدولي محي الدين سالم أن الحكومة السودانية لا تتعامل رسمياً مع المجموعة الرباعية، مؤكداً أن التنسيق يتم على أساس ثنائي مع الدول المعنية، في وقت تتزايد فيه الدعوات لتحرك دولي فاعل تجاه الأزمة.
موقف رسمي
أكد وزير الخارجية والتعاون الدولي محي الدين سالم أن المجموعة الرباعية لم تُشكّل بموجب قرار صادر عن مجلس الأمن الدولي أو أي هيئة دولية معترف بها، وبالتالي فإن الحكومة السودانية لا تتعامل معها بصفتها الرسمية. وأوضح أن السودان يفضل التعامل الثنائي المباشر مع الدول الشقيقة والصديقة، وعلى رأسها مصر والمملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، مشيراً إلى أن هذا النهج أثمر عن تفاهمات وتنسيق فعّال، كما حدث في التعاون المشترك مع مصر والأمم المتحدة في ملفات إنسانية وسياسية متعددة.
مباحثات ثلاثية
جاءت تصريحات الوزير عقب جلسة مباحثات ثلاثية عقدت في الخرطوم، جمعت بين وزارة الخارجية والتعاون الدولي السودانية برئاسة محي الدين سالم، ووزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي، ووكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية توم فليتشر. وتركزت المباحثات على التطورات الأخيرة في مدينة الفاشر، بعد دخول المليشيا المتمردة إليها، وما تبع ذلك من موجات نزوح واسعة للمواطنين، نتيجة ما وصفه الوزير بأعمال قتل وسحل واغتصاب ارتكبتها تلك المليشيات بحق المدنيين.
أوضاع إنسانية
أوضح الوزير أن اللقاءات تناولت بالتفصيل الأوضاع الإنسانية المتدهورة التي يعيشها النازحون في مناطق الدبة وطويلة، بالإضافة إلى الظروف الصعبة التي يواجهها المحاصرون في بابنوسة وكادوقلي والدلنج. وأشار إلى أن هذه المناطق تشهد تدهوراً مقلقاً في الأوضاع المعيشية، ما يستدعي تدخلاً عاجلاً من المجتمع الدولي لتقديم المساعدات الإنسانية اللازمة، وضمان حماية المدنيين من الانتهاكات المستمرة.
توافق دولي
أشار محي الدين سالم إلى أن الاجتماع الثلاثي شهد توافقاً كاملاً في وجهات النظر بين الأطراف المشاركة، حول ضرورة تحمّل المجتمع الدولي لمسؤولياته، وممارسة ضغوط حقيقية على المليشيا المتمردة، وكذلك على الدول التي تقدم لها الدعم. وأكد أن هذا التوافق يعكس إدراكاً مشتركاً لحجم التحديات التي تواجه السودان، وضرورة التصدي لها من خلال آليات دولية فاعلة، تضمن وقف الانتهاكات وتحقيق الاستقرار في المناطق المتأثرة بالنزاع.
ملف المرتزقة
تطرقت المباحثات أيضاً إلى قضية المرتزقة الذين تستقدمهم المليشيا من عدة دول، من بينها كولومبيا، وبعض دول غرب أفريقيا، ودول مجاورة للسودان. ودعا الوزير إلى التعامل مع هذا الملف بجدية تامة، وفقاً لما تنص عليه القوانين الدولية والقانون الدولي الإنساني، مشدداً على أن وجود هؤلاء المرتزقة يشكل تهديداً مباشراً للسيادة الوطنية، ويزيد من تعقيد المشهد الأمني والإنساني في البلاد.
خطوات مرتقبة
اختتم وزير الخارجية تصريحاته بالتأكيد على أن زيارة المسؤول الأممي، إلى جانب الزيارة السابقة، تمثلان خطوات تمهيدية لتحركات أكثر جدية على الأرض. وأوضح أن الحكومة السودانية عازمة على مواصلة جهودها لإخراج المليشيات والمرتزقة من البلاد، واصفاً ما يجري بأنه غزو مباشر يتضمن أعمال قتل وسحل ونهب. وشدد على أن أي محاولة لمعالجة الوضع في السودان يجب أن تتناول هذه القضايا الجوهرية بوضوح وبالحجم الذي تستحقه، إذا كان المجتمع الدولي جاداً في تعاطيه مع الأزمة السودانية.
