في ظل الانفلات الأمني المتزايد بمدينة الفاشر بولاية شمال دارفور، أفاد عدد من السكان المحليين باختفاء أقاربهم بعد اختطافهم في أكتوبر الماضي على يد مجموعات مسلّحة متحالفة مع قوات الدعم السريع، وذلك عقب سيطرة الأخيرة على المدينة، ما أدى إلى تصاعد عمليات طلب الفدية وانقطاع الاتصال مع الضحايا.
مطالبات مالية
أوضح عدد من أهالي مدينة الفاشر أن بعض الأسر اضطرت لدفع مبالغ مالية كفدية مقابل إطلاق سراح أقاربهم المختطفين، إلا أن الاتصال انقطع مع الخاطفين بعد تسليم الأموال، دون معرفة مصير الضحايا. وذكر إسحق محمد إبراهيم، أحد أقارب المختطفين، أن أسرته دفعت مبلغ أربعة ملايين جنيه سوداني لتحرير ابن شقيقه، بعد أن تواصلت مع الخاطفين الذين وعدوا بتوصيله إلى مدينة كبكابية، الواقعة على بُعد نحو 155 كيلومتراً غرب الفاشر. وأضاف إبراهيم أن المفاوضات بدأت بمطالبة الخاطفين بعشرة ملايين جنيه، قبل أن يتم تخفيض المبلغ إلى أربعة ملايين، مؤكداً أن المبلغ دُفع بالفعل، لكن مصير ابن شقيقه لا يزال مجهولاً حتى الآن.
انقطاع الاتصال
في حالة أخرى، أفادت رحاب النور، زوجة أحد المختطفين من مدينة الفاشر، أن زوجها تواصل معهم عبر مكالمة فيديو من خلال أحد تطبيقات التواصل الاجتماعي، حيث طلب خاطفوه ستة ملايين جنيه سوداني كفدية، إلا أن الأسرة لم تتمكن من جمع المبلغ خلال المهلة المحددة التي لم تتجاوز 24 ساعة. وأشارت إلى أن الخاطفين أغلقوا حساب الاتصال بعد ذلك، وانقطع التواصل معه منذ أكثر من أسبوع، ولا يُعرف مصيره حتى الآن. وأكدت رحاب أن عدداً من الأسر دفعت مبالغ مالية، لكن لم يتم الإفراج عن ذويهم، مشيرة إلى أن المبالغ المطلوبة تفوق قدرة معظم الأسر في ظل الظروف الاقتصادية المتدهورة التي تعيشها المنطقة.
أساليب متعددة
كشف المحامي والقانوني محمد عبد الله عن ارتفاع ملحوظ في حالات طلب الفدية من الأهالي مقابل إطلاق سراح ذويهم، وذلك عقب سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر. وأوضح عبد الله أن الخاطفين يتبعون أساليب متعددة للحصول على الأموال، منها تكرار المطالبات المالية قبل تسليم الضحايا، أو تسليمهم كأسرى لقوات الدعم السريع، أو تصفيتهم دون إطلاق سراحهم. وأضاف أن بعض الأسر تلقت اتصالات من هواتف ذويهم المختطفين، وبعد تحويل المبالغ المطلوبة، يتم إغلاق الهواتف وينقطع الاتصال نهائياً، ما يعكس نمطاً منظماً من الابتزاز والاحتيال.
مناطق الاختطاف
رصدت منصة “دارفور24” ست حالات دفع فيها ذوو المختطفين مبالغ مالية لتحرير أقاربهم في مناطق محيطة بمدينة الفاشر، من بينها كورما، قرني، دونكي شطة شمال غرب المدينة، وأم مراحيك، طُرة شمالاً، وقوز بينة جنوباً. وأفاد أقرباء بعض الضحايا أن الفديات تراوحت بين مليون وعشرة ملايين جنيه سوداني، تم تحويلها عبر تطبيقات مصرفية إلى حسابات متعددة تخص الخاطفين، بعد تلقي الأسر رسائل صوتية ومقاطع فيديو تُظهر الضحايا وهم يناشدون ذويهم الدفع لإنقاذ حياتهم.
شهادات الناجين
في موجز صحفي أصدرته منظمة أطباء بلا حدود الأسبوع الماضي، أفاد ناجون بأن الخاطفين فصلوا المحتجزين بحسب النوع أو العمر أو الهوية العرقية المفترضة، واحتجزوا العديد منهم للحصول على فدية تتراوح بين خمسة وثلاثين مليون جنيه سوداني. وقال أحد الناجين، بحسب المنظمة، إنه دفع 24 مليون جنيه سوداني لينجو بحياته ويتمكن من الهروب من قبضة الخاطفين. وتأتي هذه الشهادات في وقت سيطرت فيه قوات الدعم السريع على مقر الفرقة السادسة مشاة في الفاشر، بعد حصار دام نحو عام ونصف، لتصبح المدينة آخر معاقل الجيش السوداني التي سقطت في إقليم دارفور.
