 
                  
في ظل تصاعد النزاع العسكري في السودان، أطلقت شبكة أطباء السودان تحذيرًا عاجلًا بشأن الأوضاع الإنسانية المتدهورة في ولاية شمال كردفان، مؤكدة أن موجة النزوح من مدينة بارا إلى الأبيض بلغت مستويات حرجة، وسط تفشي الأمراض ونقص حاد في الخدمات الطبية، ما ينذر بكارثة صحية وشيكة ما لم يتم التدخل الفوري.
نزوح متسارع
أفادت شبكة أطباء السودان أن عدد النازحين من محلية بارا بولاية شمال كردفان تجاوز 4500 شخص، وذلك نتيجة انهيار الوضع الأمني واستمرار الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الدعم السريع عقب سيطرتها على المدينة يوم السبت الماضي. المعارك العنيفة التي دارت بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني أدت إلى موجة نزوح غير مسبوقة، حيث فرّ المدنيون من بارا باتجاه مدينة الأبيض، هربًا من القصف والانتهاكات التي شملت جرائم بحق السكان العزل. الشبكة أكدت أن هذه التحركات الجماعية تجري في ظروف بالغة القسوة، وسط نقص حاد في الغذاء والمياه والمأوى، ما يفاقم من هشاشة الوضع الإنساني في الإقليم.
أوضاع صحية
بحسب تقارير الفرق الميدانية التابعة لشبكة أطباء السودان، فإن 1900 نازح وصلوا بالفعل إلى مدينة الأبيض، بينما لا يزال الآلاف في طريقهم، يواجهون ظروفًا قاسية على امتداد المسارات غير الآمنة. وأوضحت الشبكة أن غالبية الأسر النازحة وصلت وهي في حالة إنهاك شديد، وسُجّلت إصابات متعددة بحالات الإسهال وسوء التغذية، خاصة بين الأطفال وكبار السن. هذه المؤشرات الصحية تعكس حجم التدهور في البيئة الإنسانية، وتؤكد أن المرافق الطبية في الأبيض باتت عاجزة عن الاستجابة للضغط المتزايد، في ظل نقص كبير في الأدوية والمستلزمات الطبية والكوادر العاملة، ما يهدد بانهيار كامل للمنظومة الصحية المحلية.
إدانة وتحذير
شبكة أطباء السودان أدانت بشدة عمليات التهجير القسري التي نفذتها قوات الدعم السريع ضد المدنيين في مدينة بارا، معتبرة أن ما جرى يمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني. وأعربت الشبكة عن قلقها البالغ إزاء تفاقم الوضع الإنساني في شمال كردفان، داعية المنظمات الإنسانية والسلطات المحلية إلى التدخل العاجل لتوفير الاحتياجات الأساسية للنازحين. كما ناشدت منظمة الصحة العالمية وشركاء القطاع الصحي لدعم المرافق الطبية في مدينة الأبيض، مؤكدة أن استمرار النزوح دون استجابة فعالة ينذر بأزمة إنسانية جديدة قد تتجاوز قدرة المؤسسات المحلية والدولية على احتوائها.
تحول ميداني
مدينة بارا تُعد من المواقع الاستراتيجية في شمال كردفان، وسقوطها بيد قوات الدعم السريع يمثل تحولًا ميدانيًا مهمًا في مسار القتال المستمر بين الجيش والدعم السريع منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023. هذا التحول يعكس تصاعدًا في وتيرة النزاع، لكنه في الوقت ذاته يبرز أن المدنيين العزل هم الخاسر الأكبر، حيث يدفعون ثمنًا باهظًا من حياتهم وكرامتهم في حرب لا تزال تحصد الأرواح وتشرّد الملايين داخل السودان وخارجه. استعادة الدعم السريع لمدينة بارا تأتي ضمن سلسلة من التحركات العسكرية التي زادت من تعقيد المشهد الميداني، وأعادت إنتاج الأزمة الإنسانية في مناطق جديدة، ما يستدعي تحركًا دوليًا عاجلًا لوقف الانتهاكات وحماية السكان.
		  	
	

 
         
         
        