في تطور دبلوماسي لافت، انطلقت في العاصمة الأميركية واشنطن اجتماعات تمهيدية غير مباشرة بين ممثلين عن الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، ضمن مسار تحضيري يهدف إلى التمهيد لمفاوضات رسمية بشأن وقف إطلاق النار وإعادة ترتيب الأوضاع العسكرية والسياسية في السودان بعد سنوات من النزاع المسلح. وأكد مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية صحة هذه الاجتماعات، التي تستمر على مدار يومين، مشيراً إلى أنها تُعقد تحت إشراف مباشر من نائب وزير الخارجية الأميركي، وبصيغة غير مباشرة، حيث لا يجلس الطرفان على طاولة واحدة، بل يلتقي كل وفد على حدة مع ممثلين عن الخارجية الأميركية.
خلفية اللقاءات
الصحفي السوداني شوقي عبدالعظيم، رئيس تحرير موقع الاستقصائي، أوضح في مقابلة مع راديو دبنقا أن هذه الاجتماعات تمثل خطوة متقدمة في المسار التفاوضي، الذي بدأ منذ لقاء سابق جمع مستشار الرئيس الأميركي دونالد تراب، مسعد بوليس، بالفريق أول عبدالفتاح البرهان في سويسرا. وأشار إلى أن الطرفين أجروا منذ ذلك الحين مفاوضات منفصلة، أفضت إلى توافق مبدئي على ضرورة عقد جلسة في واشنطن. وأضاف أن الفريق أول البرهان أشرف شخصياً على التحضيرات الأولية، وشارك في التنسيق قبل مغادرة الوفد العسكري إلى الولايات المتحدة.
تركيبة الوفود
يتألف وفد الجيش السوداني من ضباط رفيعي المستوى يمثلون أجهزة الأمن والمخابرات والاستخبارات العسكرية، بينما يضم وفد قوات الدعم السريع شخصيات قيادية بارزة. ووفقاً لشوقي، فإن هذه الاجتماعات لا تمثل الحكومة السودانية المركزية، إذ لم يكن لوزارة الخارجية السودانية أي دور رسمي أو اطلاع مباشر على تفاصيل الجلسات، بما في ذلك استبعاد السفير عمر الصديق من المشاركة. ويعكس ذلك الطابع العسكري البحت لهذه المحادثات، التي تقتصر على الأطراف المتحاربة ميدانياً دون إشراك المكونات المدنية أو المؤسسات الحكومية.
محاور النقاش
بحسب المعلومات التي أوردها شوقي عبدالعظيم، تتركز المباحثات الجارية في واشنطن حول ثلاثة محاور رئيسية: أولها وقف إطلاق النار والاتفاق على هدنة عسكرية، وثانيها الترتيبات المشتركة بين الجيش والدعم السريع خلال فترة الهدنة وما بعدها، وثالثها إعادة هيكلة القوات العسكرية بعد انتهاء الحرب، بما يشمل إعادة تنظيم الأوضاع الأمنية في البلاد. وتُعد هذه المحاور من أكثر الملفات تعقيداً في المشهد السوداني، نظراً لتداخلها مع قضايا السيادة والشرعية والتمثيل السياسي، فضلاً عن تأثيرها المباشر على مستقبل الدولة السودانية.
نحو مفاوضات رسمية
وصف شوقي عبدالعظيم هذه الاجتماعات بأنها جزء من تحضير عالي المستوى للجلسات الرسمية المرتقبة، مؤكداً أن الأطراف العسكرية تفضل معالجة الملفات الكبرى مسبقاً لتفادي أي تعثر محتمل في المفاوضات الرسمية. وأشار إلى أن التحضيرات الجارية تشمل تنسيقاً مع الاتحاد الأفريقي، في حين تواصل الرباعية الدولية، المتمثلة في واشنطن وجدة، دورها كمنصات حوار عسكري، تمهيداً للمرحلة التالية التي يُفترض أن تشمل القوى السياسية والمدنية. واعتبر شوقي أن هذه الاجتماعات تمثل محاولة جادة من الطرفين لإيجاد أرضية تفاهم مشتركة، تُمكن من تجاوز العقبات الجوهرية التي عطلت المسار السياسي في السودان منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023.
