
في تطور لافت ضمن سلسلة الهجمات الجوية المتبادلة، أفاد مصدر عسكري لوكالة الأنباء الفرنسية أن مطار الخرطوم تعرض صباح الأربعاء لهجوم بطائرات مسيّرة انتحارية، نُسبت إلى قوات الدعم السريع، وذلك لليوم الثاني على التوالي. الهجوم يأتي بعد أقل من أربع وعشرين ساعة على عملية مماثلة استهدفت المطار صباح الثلاثاء، حيث أشار المصدر إلى أن ثلاث طائرات مسيّرة انتحارية نفذت الهجوم، دون أن تتضح حتى الآن حجم الأضرار الناتجة عنه. وبحسب المعلومات الأولية، فقد استهدفت إحدى الطائرات موقعاً تابعاً للدفاع المدني داخل المطار، بينما أصابت الطائرتان الأخريان إحدى صالات المطار، ما أثار مخاوف من تعطيل محتمل في البنية التحتية للمرفق الحيوي.
توقيت حساس
الهجوم الذي طال مطار الخرطوم جاء في توقيت بالغ الحساسية، إذ وقع بعد ساعات فقط من إعلان سلطات الطيران المدني عن إعادة تشغيل المطار وبدء الرحلات الداخلية اعتباراً من يوم الأربعاء. هذا التزامن يثير تساؤلات حول أهداف التصعيد العسكري، خاصة أن المطار يُعد من أبرز المرافق الحيوية في العاصمة السودانية، ويُشكل نقطة ارتكاز لجهود الإغاثة والاتصالات الحكومية. ويُنظر إلى استهدافه على أنه محاولة لعرقلة أي خطوات نحو إعادة الاستقرار أو استئناف الخدمات المدنية، في ظل استمرار النزاع بين الجيش وقوات الدعم السريع.
حرب المسيرات
الهجوم على مطار الخرطوم يأتي في سياق تصعيد متسارع لما بات يُعرف بـ”حرب المسيرات” بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، حيث شهدت الأيام الأخيرة سلسلة من الضربات الجوية المتبادلة باستخدام الطائرات المسيّرة. وخلال اليومين الماضيين، نفذت مسيرات تابعة للجيش السوداني هجمات على عدد من المواقع في إقليم دارفور، شملت مناطق الجنينة وكبكابية والزرق وسرف عمرة، وأسفرت عن سقوط عدد من الضحايا المدنيين، وفقاً لمصادر ميدانية. هذا التصعيد يعكس تحولاً في طبيعة العمليات العسكرية، حيث باتت الطائرات المسيّرة تُستخدم بشكل متزايد لاستهداف مواقع استراتيجية ومراكز تجمعات، ما يضاعف من تعقيد المشهد الأمني في البلاد.
خسائر أم درمان
وفي تطور سابق الأسبوع الماضي، شنت طائرات مسيّرة انتحارية تابعة لقوات الدعم السريع هجمات عنيفة على معسكري سركاب وخالد بن الوليد شمال مدينة أم درمان، ما أدى إلى مقتل 24 عسكرياً وإصابة أكثر من 60 آخرين، بحسب ما أفاد به مصدر عسكري لموقع “دارفور24”. هذا الهجوم يُعد من بين الأعنف منذ بدء النزاع، ويعكس تصعيداً نوعياً في استخدام الطائرات المسيّرة كأداة قتالية فعالة في استهداف التجمعات العسكرية. ويُنظر إلى هذه الهجمات على أنها جزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى إضعاف القدرات الميدانية للجيش السوداني، في وقت تتزايد فيه الدعوات الدولية لوقف القتال والعودة إلى طاولة الحوار السياسي.
هذا التصعيد المتواصل في استخدام الطائرات المسيّرة، سواء في استهداف المطارات أو المعسكرات، يعكس تحولاً خطيراً في أدوات الحرب داخل السودان، ويطرح تحديات أمنية متزايدة أمام جهود إعادة الاستقرار، وسط أزمة إنسانية متفاقمة وانهيار متسارع في البنية التحتية الحيوية.