
بدأت هيئة محلفين في محكمة فيدرالية أمريكية بمدينة نيويورك النظر في دعوى قضائية تاريخية ضد مجموعة “بي إن بي باريبا” المصرفية الفرنسية، تتهمها بالتورط غير المباشر في تمويل انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ارتُكبت خلال فترة حكم الرئيس السوداني المخلوع عمر البشير، لا سيما في إقليم دارفور.
شهادات ناجين سودانيين: تعذيب واعتداءات ممنهجة
استمعت المحكمة إلى شهادات ثلاثة ناجين سودانيين – رجلان وامرأة – أصبحوا لاحقًا مواطنين أمريكيين، تحدثوا عن تعرضهم لـالتعذيب الجسدي، والاعتداءات الجنسية، والحرق، والطعن على يد جنود سودانيين وميليشيات الجنجويد خلال سنوات النزاع. قالت انتصار عثمان كاشر (41 عامًا) أمام المحكمة:
“لم يعد لدي أقارب. لقد فقدت كل شيء.”
الادعاء: المصرف منح النظام قدرة على تنفيذ جرائمه
اتهم محامو الضحايا المصرف الفرنسي بأنه “أنقذ ومول اقتصاد دكتاتور”، مشيرين إلى أن البنك سهّل عبر رسائل اعتماد مالية تصدير سلع استراتيجية مثل القطن والزيت، ما وفر للنظام مليارات الدولارات استُخدمت في تمويل عمليات القمع. وقال المحامي باري بيركي إن الضحايا ربما كانوا سيتعرضون للانتهاكات حتى بدون وجود المصرف، “لكن البنك منح النظام القدرة المالية على تنفيذ جرائمه”.
الدفاع: لا علاقة مباشرة أو علم بالانتهاكات
في المقابل، نفى فريق الدفاع عن “بي إن بي باريبا” أي علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالفظائع، مؤكدين أن العمليات المصرفية كانت قانونية وفق المعايير الأوروبية، وأن البنك لم يكن على علم بوقوع جرائم ضد الإنسانية. وقال المحامي داني جيمس إن الربط بين سلوك المصرف وما تعرض له المدعون “لا يستند إلى دليل مباشر”، مشددًا على أن التعاملات كانت اعتيادية لتسهيل التجارة.
خلفية القضية وسياقها
تعود أنشطة المصرف الفرنسي في السودان إلى أواخر التسعينيات واستمرت حتى عام 2009. وتُعد هذه القضية من أبرز المحاولات القانونية لمحاسبة مؤسسات مالية دولية على دور غير مباشر في دعم أنظمة قمعية. وتُقدر الأمم المتحدة أن النزاع في دارفور بين عامي 2002 و2008 أسفر عن مقتل نحو 300 ألف شخص ونزوح 2.5 مليون آخرين.
يُذكر أن عمر البشير أُطيح به في أبريل 2019 بعد احتجاجات شعبية، وهو مطلوب أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهم تشمل الإبادة الجماعية وجرائم الحرب.
قرار مرتقب قد يشكل سابقة قانونية
من المتوقع أن تصدر هيئة المحلفين قرارها خلال الأسابيع المقبلة. وإذا أُدين المصرف، فقد يشكل ذلك سابقة قضائية هامة تُحمّل المؤسسات المالية العالمية مسؤولية قانونية وأخلاقية عن تمويل أنظمة ارتكبت جرائم جسيمة، حتى وإن تم ذلك بصورة غير مباشرة.
تنويه : الخبر تم جلبه من المصدر ونشره اليا في اخبار السودان كما هو رابط
المصدر من هنا