
في خطوة تمثل تقدمًا ملموسًا نحو إعادة تشغيل مطار الخرطوم الدولي، أعلنت سلطة الطيران المدني السودانية عن إعادة تشغيل شبكة الكهرباء بمركز الملاحة الجوية داخل المطار، وذلك ضمن خطة شاملة تهدف إلى استعادة خدمات الطيران في العاصمة خلال الفترة المقبلة. الإعلان جاء في تعميم صحفي صدر أمس الاحد، أكدت فيه السلطة أن المركز كان قد تحول إلى حطام كامل نتيجة الدمار الواسع الذي طال البنية التحتية خلال فترة الحرب التي شهدتها الخرطوم، ما أدى إلى توقف تام في حركة الملاحة الجوية منذ منتصف عام 2023.
جهود هندسية
سلطة الطيران المدني أوضحت أن إعادة تشغيل شبكة الكهرباء في مركز الملاحة الجوية تم بفضل جهود مكثفة بذلها الفريق الهندسي والفني التابع لها، بالتعاون مع فرق من الشركة السودانية للكهرباء. وأشارت إلى أن العمل جرى في ظروف بالغة التعقيد، بالنظر إلى حجم الأضرار التي لحقت بالكابلات الرئيسية، ما تطلب عمليات صيانة دقيقة لإعادة تأهيل النظام الكهربائي. هذه الخطوة تأتي في إطار جهود متواصلة لإعادة تأهيل المرافق الحيوية داخل المطار، تمهيدًا لاستئناف العمليات التشغيلية بشكل تدريجي.
توقف طويل
مطار الخرطوم ظل خارج الخدمة منذ أن سيطرت عليه قوات الدعم السريع في منتصف أبريل 2023، واستمرت تلك السيطرة حتى نهاية مارس 2025، ما أدى إلى توقف كامل في حركة الطيران من وإلى العاصمة. وخلال تلك الفترة، اضطرت الحكومة السودانية إلى تحويل حركة الملاحة الجوية إلى مطار بورتسودان في شرق البلاد، الذي أصبح العاصمة الإدارية المؤقتة، بعد الحصول على استثناءات دولية تسمح باستخدام المجال الجوي الشرقي باعتباره منطقة آمنة نسبيًا. هذا التحول المؤقت ساهم في استمرار بعض الأنشطة الجوية، لكنه لم يكن بديلاً مستدامًا عن مطار الخرطوم.
تحديات أمنية
ورغم إعلان الحكومة السودانية عن نيتها إعادة تشغيل مطار الخرطوم قبل نهاية العام الجاري، إلا أن استمرار الهجمات بالطائرات المسيّرة يشكل تحديًا كبيرًا أمام تنفيذ هذه الخطط. السلطات تشير إلى أن استئناف الحركة الجوية يتطلب ضمانات أمنية واضحة، بما في ذلك وقف إطلاق النار على مستوى البلاد، لتأمين المجال الجوي وحماية المرافق الحيوية من أي تهديدات محتملة. هذه المخاوف الأمنية تضع ضغوطًا إضافية على الجهات المعنية، وتستدعي تنسيقًا واسعًا بين الأطراف العسكرية والمدنية لضمان نجاح عملية إعادة التشغيل.
تقدم الصيانة
فرق الصيانة التابعة للسلطات المختصة أوشكت على الانتهاء من أعمال إعادة تأهيل صالات الوصول والمغادرة داخل مطار الخرطوم، والتي كانت قد تعرضت لأضرار جسيمة خلال النزاع المسلح الذي استمر قرابة 22 شهرًا. هذه الأعمال تشمل إصلاح البنية التحتية الداخلية، واستعادة الأنظمة التشغيلية الأساسية، بما يتيح للمطار استقبال الرحلات الداخلية بشكل طبيعي، في انتظار استكمال الترتيبات اللازمة لاستئناف الرحلات الدولية. السلطات تؤكد أن هذه المرحلة تمثل نقطة تحول في مسار إعادة تأهيل العاصمة، وتفتح الباب أمام استعادة النشاط الجوي تدريجيًا.
جاهزية تشغيلية
الفريق إبراهيم جابر، أحد المسؤولين البارزين في ملف الطيران، أكد في تصريحات إعلامية أن مطار الخرطوم الدولي بات جاهزًا من الناحية الفنية لاستئناف الرحلات الجوية، مشيرًا إلى أن التنسيق جارٍ بين سلطة الطيران المدني وإدارة شركة المطارات لاستكمال الإجراءات التشغيلية. وأوضح أن المطار يستقبل حاليًا رحلات داخلية بشكل منتظم، وأن العمل مستمر لتوسيع نطاق التشغيل ليشمل الرحلات الخارجية في أقرب وقت ممكن. هذه التصريحات تعكس جدية الحكومة في إعادة تنشيط المطار كمرفق استراتيجي يخدم العاصمة والبلاد بشكل عام.
أهمية استراتيجية
في حوار بثته قناة القاهرة ورصده موقع “أخبار السودان”، شدد الفريق جابر على أن إعادة تشغيل مطار الخرطوم يمثل أحد المرتكزات الأساسية في خطة إعادة تأهيل العاصمة، نظرًا لأهميته في تسهيل عمليات الإغاثة، وتعزيز التواصل الداخلي والخارجي، وفتح المجال أمام عودة الأنشطة الاقتصادية والدبلوماسية. وأضاف أن الحكومة السودانية تعتبر استئناف الرحلات الجوية خطوة استراتيجية في دعم جهود التعافي الوطني، وتشجيع المواطنين على العودة إلى الخرطوم واستئناف حياتهم الطبيعية، في ظل التحديات التي خلفتها الحرب الطويلة. هذه الخطوة، بحسب المسؤولين، تمثل بداية جديدة نحو استقرار العاصمة واستعادة دورها كمركز حيوي في السودان.