
تقدم ميداني
بحسب تصريحات نقلتها قناة “العربية بيزنس”، ارتفعت نسبة تنفيذ الأعمال المدنية للمرحلة الثانية داخل الأراضي السودانية إلى 66%، مقارنة بـ35% فقط عند توقف المشروع في أبريل 2023 نتيجة للاضطرابات الأمنية والسياسية التي شهدتها العاصمة الخرطوم. هذا التقدم الميداني يعكس استئناف النشاط الهندسي في المناطق المستهدفة، ويؤكد قدرة الفرق الفنية على تجاوز التحديات الميدانية، رغم استمرار بعض العقبات اللوجستية. ويُعد هذا التحسن مؤشرًا إيجابيًا على إمكانية الالتزام بالجدول الزمني المعلن لإنهاء المشروع.
رفع القدرة
المرحلة الثانية من المشروع تهدف إلى رفع قدرة الربط الكهربائي من 80 ميغاواط إلى 300 ميغاواط، ما يمثل زيادة بنسبة تفوق 275%، وفقًا للمسؤول المصري. هذه القفزة في القدرة التشغيلية تعكس طموحًا مشتركًا بين القاهرة والخرطوم لتوسيع نطاق التبادل الكهربائي، وتوفير مصادر طاقة مستقرة في فترات الذروة، خاصة في ظل الضغط المتزايد على الشبكة السودانية. ويُتوقع أن تسهم هذه المرحلة في تحسين جودة الخدمة الكهربائية في السودان، وتوفير بدائل مستدامة للطاقة في المناطق المتأثرة بالنزاعات.
توريدات مصرية
على الجانب المصري، اكتملت جميع الأعمال والتوريدات الخاصة بالمرحلة الثانية، بما في ذلك المعدات التي تم توفيرها بموجب عقد مع شركة سيمنس الألمانية، الرائدة عالميًا في مجال الطاقة. هذه التوريدات شملت تجهيزات تقنية متقدمة تهدف إلى تعزيز كفاءة الخط الكهربائي، وتوفير حلول تكنولوجية متطورة لضمان استقرار التشغيل. ويُعد التزام مصر بتنفيذ الجزء الخاص بها من المشروع في الوقت المحدد دلالة على جدية الحكومة في دعم الربط الإقليمي، وتوسيع نطاق التعاون مع دول الجوار.
تركيب المعدات
رغم اكتمال التوريدات، لا تزال شركة سيمنس تعمل على استكمال بعض أعمال التركيب الخاصة بالمعدات التكنولوجية داخل الأراضي السودانية، بهدف رفع كفاءة الخط الكهربائي وزيادة قدرته التشغيلية. هذه الأعمال تشمل تجهيزات دقيقة لتعويض القدرة غير الفعالة، وتُعد جزءًا أساسيًا من المرحلة الثانية لضمان تحقيق الأهداف الفنية للمشروع. ويُتوقع أن تُنجز هذه الأعمال خلال الأسابيع المقبلة، بما يتيح بدء التشغيل التجريبي قبل نهاية العام.
مستحقات مالية
الشركة الألمانية حصلت على مستحقاتها المالية البالغة نحو 30 مليون دولار، بموجب عقد يشمل توريد وتركيب وحدتين لتعويض القدرة غير الفعالة بسعة إجمالية تبلغ 150 ميجافار، مخصصة لمحطتي محولات دنقلا ومروي، واللتين يتحمل الجانب المصري مسؤولية إنشائهما. هذه الوحدات تُعد من المكونات الحيوية في دعم استقرار الشبكة، وتوفير توازن كهربائي في المناطق المستهدفة. ويعكس هذا الالتزام المالي حجم الاستثمار المصري في المشروع، والرغبة في إنجاحه رغم التحديات الإقليمية.
تحديات سودانية
يتحمل الجانب السوداني مسؤولية تنفيذ الأعمال المدنية والكهروميكانيكية داخل أراضيه، وتحديدًا في الولاية الشمالية ونهر النيل. إلا أن التدهور الاقتصادي الحاد الذي يشهده السودان، إلى جانب فقدان العملة الوطنية لقيمتها، يثير احتمالات إعادة تقييم أسعار بعض المهمات المنفذة داخل البلاد. هذه التحديات قد تؤثر على الجدول الزمني للمشروع، وتفرض ضغوطًا إضافية على الحكومة السودانية في تأمين التمويل اللازم لاستكمال الأعمال المتبقية، وسط بيئة سياسية وأمنية غير مستقرة.
أهمية استراتيجية
المسؤول المصري أكد أن المرحلة الثانية من المشروع تُعد جزءًا من استراتيجية أوسع لتعزيز الربط الكهربائي الإقليمي بين مصر ودول الجوار، وزيادة فرص التبادل الكهربائي، إلى جانب دعم استقرار الشبكة السودانية خلال فترات الذروة. هذا الربط يُسهم في بناء منظومة طاقة أكثر تكاملًا في المنطقة، ويعزز من قدرة الدول على مواجهة التحديات المرتبطة بتقلبات الطلب، والانقطاعات الناتجة عن الأزمات السياسية أو الكوارث الطبيعية. كما يُعد المشروع خطوة نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة في قطاع الطاقة.
توسع شمسي
الدور المصري في دعم قطاع الطاقة السوداني لم يتوقف عند مشروع الربط الكهربائي، بل امتد إلى تنفيذ مشروعات طاقة شمسية في بعض المدن والمناطق السودانية المستقرة، بناءً على طلب من السلطات السودانية. هذه المبادرات تأتي في أعقاب تدمير أجزاء من الشبكة الكهربائية نتيجة الأحداث التي شهدتها البلاد، وتُعد محاولة لإعادة بناء البنية التحتية للطاقة في المناطق المتضررة. ويُتوقع أن تسهم هذه المشاريع في توفير مصادر طاقة نظيفة ومستدامة، تدعم جهود التعافي الوطني.
لقاء وزاري
في إطار تعزيز التعاون الثنائي، استقبل وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، الدكتور محمود عصمت، نظيره السوداني الدكتور المعتصم إبراهيم أحمد علي، في 18 سبتمبر الماضي، لمناقشة سبل تسريع وتيرة التعاون في مشروعات الطاقة. اللقاء تناول آليات تنفيذ المرحلة الثانية من الربط الكهربائي، إلى جانب بحث فرص التوسع في مشاريع الطاقة المتجددة، بما يعكس التزام الجانبين بتعزيز الشراكة الاستراتيجية في هذا القطاع الحيوي.
خلفية المشروع
المرحلة الأولى من مشروع الربط الكهربائي بين مصر والسودان دخلت التشغيل الفعلي في أبريل 2020، بجهد 220 كيلو فولت، عبر خط يمتد لمسافة 100 كيلومتر داخل الأراضي المصرية، و70 كيلومترًا داخل السودان، بقدرة تشغيلية بلغت 80 ميغاواط. هذه المرحلة شكلت الأساس الفني للتعاون بين البلدين في مجال الطاقة، ومهدت الطريق لتوسيع الربط الإقليمي، وتوفير مصادر طاقة مستقرة في ظل التحديات المتزايدة التي تواجه المنطقة.