
أعداد الجرحى
بحسب إفادات ثلاثة ضباط من قيادة الفرقة السادسة مشاة، فإن عدد المصابين في صفوف القوات بلغ 2400 جريح، معظمهم تعرضوا لإصابات بالغة أدت إلى إعاقتهم، وتم نقلهم بعيداً عن خطوط المواجهة. هذه الحصيلة تعكس حجم الضغط العسكري الذي تواجهه الفرقة في ظل استمرار المعارك داخل مدينة الفاشر، حيث تتعرض المواقع العسكرية والأحياء السكنية لقصف متكرر من قبل قوات الدعم السريع باستخدام المدفعية الثقيلة والطائرات المسيّرة. وتُظهر هذه الأرقام مدى التدهور في الوضع الميداني، مع استمرار الاشتباكات في مناطق مكتظة بالسكان، ما يزيد من تعقيد المشهد العسكري والإنساني في آن واحد.
توغل مستمر
أكدت المصادر أن قوات الدعم السريع تمكنت من التقدم داخل عدد من الأحياء السكنية في مدينة الفاشر، وسط استمرار عمليات القصف المكثف على مواقع الجيش والمرافق المدنية. هذا التوغل العسكري ترافق مع تصاعد الاشتباكات، ما دفع أعداداً كبيرة من المدنيين إلى مغادرة منازلهم هرباً من القصف والمعارك. وتُظهر هذه التطورات أن المعركة في الفاشر لم تعد مقتصرة على الأطراف العسكرية، بل باتت تؤثر بشكل مباشر على السكان المحليين، الذين وجدوا أنفسهم في قلب المواجهات المسلحة، دون توفر ممرات آمنة أو دعم إنساني كافٍ.
مقاومة مستمرة
رغم الخسائر الكبيرة التي تكبدتها الفرقة السادسة مشاة، أكد ضباط في الجيش لموقع “دارفور24” أن عناصر الفرقة والقوات المساندة لها يواصلون الدفاع عن المدينة، مشيرين إلى أن العديد من الجنود الذين سقطوا كانوا من خيرة العناصر العسكرية. وأوضح الضباط أن القوات المساندة للجيش فقدت أيضاً المئات من عناصرها خلال العمليات العسكرية المستمرة منذ منتصف أبريل 2023، إلا أن إحصائية دقيقة لعدد الضحايا في صفوف هذه القوات لم تُتوفر حتى الآن. هذه التصريحات تعكس إصرار القوات النظامية على مواصلة القتال رغم التحديات الميدانية والخسائر البشرية المتزايدة.
انهيار معنوي
في سياق متصل، كشف أحد الضباط لـ”دارفور24″ عن فرار أكثر من 3000 جندي من محاور القتال في فترات متفرقة، معظمهم من الوحدات التي تقاتل إلى جانب الفرقة السادسة مشاة. وأرجع الضابط هذه الانسحابات إلى تدهور الأوضاع المعيشية داخل المدينة، بالإضافة إلى معاناة عدد من الجنود من اضطرابات نفسية ناتجة عن القلق المستمر وصدمات الحرب. هذه الظاهرة تشير إلى حالة من الانهيار المعنوي داخل بعض الوحدات العسكرية، في ظل غياب الدعم اللوجستي والنفسي، وتفاقم الضغوط الناتجة عن طول أمد المعارك، ما يهدد بتراجع القدرة القتالية للقوات في حال استمرار النزاع دون تدخل عاجل.
كارثة إنسانية
شهدت مدينة الفاشر خلال الأشهر الثلاثة الماضية تصعيداً غير مسبوق في حدة الاشتباكات بين الجيش السوداني وحلفائه من جهة، وقوات الدعم السريع من جهة أخرى، ما أدى إلى مقتل أكثر من 300 مدني وإصابة المئات، وفقاً لمصادر في وزارة الصحة. كما أجبر القتال آلاف السكان على النزوح نحو محليات مليط وطويلة وكورما، بالإضافة إلى مناطق جبل مرة، بحثاً عن الأمان. هذا النزوح الجماعي يعكس حجم الكارثة الإنسانية التي تعيشها المدينة، حيث باتت الحياة اليومية شبه متوقفة، وسط دمار واسع في البنية التحتية، وانهيار شبه كامل في الخدمات الأساسية.
انهيار الخدمات
أدى النزاع المستمر في مدينة الفاشر إلى توقف شبه كامل في مصادر المياه العامة والخاصة، كما خرجت 95% من المستشفيات والمرافق الصحية عن الخدمة، فيما تعمل النسبة المتبقية بشكل جزئي فقط. هذا الانهيار في القطاع الصحي يُعد من أخطر تداعيات الحرب على السكان، حيث بات الوصول إلى العلاج والرعاية الطبية أمراً شبه مستحيل. ويُفاقم هذا الوضع من معاناة الجرحى والمرضى، خاصة في ظل استمرار الحصار المفروض على المدينة، وغياب أي مؤشرات على قرب انتهاء العمليات العسكرية أو فتح ممرات إنسانية.
حصار الفاشر
تفرض قوات الدعم السريع حصاراً مشدداً على مدينة الفاشر منذ أبريل 2024، في محاولة للسيطرة على آخر قاعدة عسكرية رئيسية للجيش السوداني في إقليم دارفور. هذا الحصار العسكري يُعد جزءاً من استراتيجية ميدانية تهدف إلى إنهاء وجود القوات النظامية في الإقليم، ويُشكل ضغطاً متزايداً على الفرقة السادسة مشاة التي تقاتل في ظروف بالغة الصعوبة. ومع استمرار الحصار، تتفاقم الأزمة الإنسانية داخل المدينة، وسط غياب أي تدخل دولي فعّال، ما يضع الفاشر أمام سيناريوهات أكثر قتامة في حال استمرار التصعيد دون حلول سياسية أو إنسانية عاجلة.