
نقص حاد
أحد أعضاء لجنة المعلمين في الولاية، والذي فضّل عدم الكشف عن هويته، أكد في تصريحات لـ”دارفور24″ أن العام الدراسي الذي بدأ في سبتمبر يواجه عقبات كبيرة، أبرزها غياب الكتاب المدرسي وعزوف عدد من المعلمين عن التدريس في المدارس الحكومية نتيجة ضعف الرواتب. وأضاف أن بعض المدارس لا تزال تُستخدم كمراكز إيواء للنازحين من خارج الولاية، على الرغم من صدور قرارات رسمية بإخلائها، ما يعرقل استئناف الدراسة بشكل طبيعي. كما أشار إلى أن نزوح عدد من التلاميذ مع أسرهم إلى خارج الولاية ساهم في تقليص عدد الطلاب المسجلين، وهو ما يهدد بانخفاض معدلات التحصيل الدراسي ويزيد من تعقيد المشهد التعليمي في المنطقة.
عبء مالي
جبريل النور، أحد أولياء الأمور في نيالا، تحدث لـ”دارفور24″ عن الأعباء المالية المتزايدة التي تواجه الأسر في سبيل تعليم أبنائها، مشيرًا إلى أن تكاليف الدراسة أصبحت تفوق قدرة الكثيرين. وأوضح أنه اضطر إلى تسجيل أربعة من أبنائه في مدرسة خاصة، حيث بلغت رسوم المرحلة الابتدائية 100 ألف جنيه للتلميذ الواحد، فيما وصلت رسوم المرحلة المتوسطة إلى 150 ألف جنيه. أما ابنه الأكبر، الذي يستعد لامتحان الشهادة السودانية، فقد تم تسجيله في مدرسة خاصة مقابل 750 ألف جنيه. هذه الأرقام تعكس واقعًا اقتصاديًا ضاغطًا، يجعل التعليم في متناول فئة محدودة فقط، ويُقصي شريحة واسعة من الأطفال عن حقهم في الدراسة النظامية.
بدائل محدودة
في ظل هذا الواقع، يلجأ بعض أولياء الأمور إلى حلول بديلة. المواطن يوسف علي أفاد لـ”دارفور24″ بأنه قرر عدم تسجيل أبنائه في المدارس النظامية بسبب ارتفاع التكاليف، واختار بدلاً من ذلك إلحاقهم بخلوة لتحفيظ القرآن الكريم. وأشار إلى أن هذا الخيار، رغم محدوديته من حيث المناهج، يبقى أكثر قابلية للاستمرار في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة. وتكشف هذه الخطوة عن تحوّل تدريجي في خيارات التعليم لدى الأسر، حيث باتت الخلاوي تمثل ملاذًا تعليميًا في مواجهة انهيار النظام المدرسي الرسمي، ما يطرح تساؤلات حول مستقبل التعليم النظامي في مناطق النزاع والتهميش.
أزمة كتب
من جانبه، أشار عبدالله موسى، صاحب مكتبة في نيالا، إلى وجود نقص حاد في كتب المرحلة المتوسطة، لا سيما كتاب اللغة العربية للمرحلة الابتدائية. وأوضح أن جميع الكتب تصلهم من مدينة الدبة، وقد تتأخر في الطريق بسبب الظروف اللوجستية، ما يؤثر على توفرها في الوقت المناسب. وأضاف أن سعر المقرر المكوّن من عشرة كتب للمرحلة المتوسطة يبلغ نحو 70 ألف جنيه في مدينة الدبة، بينما يصل في نيالا إلى ما بين 130 و140 ألف جنيه، مع تفاوت الأسعار في المحليات البعيدة. هذا التفاوت يعكس خللاً في سلسلة التوريد ويزيد من صعوبة حصول الطلاب على المواد التعليمية الأساسية، ما يفاقم من أزمة التعليم في الولاية ويضع مزيدًا من الضغط على الأسر والمعلمين على حد سواء.