
خلفية الأزمة
المشاركون في الملتقى أرجعوا دوافع اجتماعهم إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية في السودان، وتصاعد خطابات الكراهية، واستهداف أطراف النزاع لمكتسبات ثورة ديسمبر، إلى جانب ما وصفوه بالفشل التاريخي في إدارة التعدد والتنوع داخل البلاد. البيان الختامي، الصادر يوم الجمعة، اعتبر أن الحرب الدائرة ليست سوى امتداد لهجوم من قوى الثورة المضادة على مكتسبات ديسمبر، بدعم مباشر من أطراف إقليمية ودولية. وأكد أن الحل لا يمكن أن يكون عسكريًا، بل يتطلب مشروعًا وطنيًا ديمقراطيًا شاملًا يضمن العدالة والمواطنة المتساوية ويعيد بناء الدولة على أسس جديدة.
مطالب واضحة
الملتقى دعا إلى وقف فوري للحرب، عبر نزع المشروعية عن كافة أطرافها، وفتح ممرات إنسانية عاجلة لإيصال المساعدات إلى المناطق المتضررة. كما شدد على ضرورة إعادة هيكلة القطاعين الأمني والعسكري، بما يفضي إلى تأسيس جيش وطني موحد خاضع للسلطة المدنية، قادر على حماية وحدة البلاد ومكتسبات الدولة المدنية الديمقراطية. ورحب المشاركون بالمبادرات الإقليمية والدولية الجادة الرامية إلى إنهاء الحرب، مؤكدين في الوقت ذاته أن المسؤولية الأساسية تقع على عاتق السودانيين أنفسهم، وأن الحل يجب أن ينبع من الداخل.
مشاركة شاملة
البيان شدد على أهمية إشراك الشباب والنساء والمجتمعات القاعدية في مفاوضات السلام والعمليات السياسية، باعتبارهم أطرافًا فاعلة في صياغة مستقبل البلاد. كما دعا إلى استعادة روح ثورة ديسمبر وتوحيد الطاقات الشبابية والنسائية، عبر فتح حوار قاعدي شامل مع مختلف فئات المجتمع، وإطلاق تحالفات مرنة وهياكل تنظيمية فاعلة تعزز المشاركة السياسية المدنية، وتدفع نحو بناء مشروع وطني جامع.
أسس جديدة
في سياق إعادة بناء الدولة، أكد الإعلان ضرورة تأسيس عقد اجتماعي جديد يقوم على المواطنة المتساوية والعدالة الاجتماعية، واعتماد نموذج فيدرالي تنموي يضمن توزيعًا عادلًا للسلطة والثروة. كما شدد على أهمية الفصل بين الدين والدولة، وضمان الحريات الأساسية وحقوق الإنسان، بما يرسخ قيم الديمقراطية ويعزز الاستقرار السياسي والاجتماعي في البلاد.
عدالة انتقالية
الملتقى دعا إلى تحقيق العدالة الانتقالية من خلال كشف الحقائق، ومساءلة المسؤولين عن الانتهاكات، وتعويض الضحايا، وإصلاح مؤسسات الدولة، وتعزيز المصالحة الوطنية الشاملة. كما شدد على ضرورة مراعاة الأبعاد البيئية والرقمية في عملية إعادة البناء، بما يضمن استدامة التنمية ويواكب التحولات العالمية.
معالجة التهميش
البيان أكد على أهمية معالجة التهميش عبر ضمان تمثيل عادل لكافة المكونات المجتمعية، وإصلاح منظومة التعليم بما يعكس تنوع السودان الثقافي والاجتماعي. كما دعا إلى إشراك المجتمعات المحلية في صنع القرار، وضمان السيادة الشعبية على الموارد، مع إعطاء الأولوية لتنمية القطاع الزراعي والرعوي التقليدي، الذي يمثل مصدرًا رئيسيًا للنزاعات وموطنًا لغالبية الضحايا، لا سيما النساء الريفيات.
مواجهة العسكرة
في ما يتعلق بالملف الأمني، ركز الإعلان على ضرورة تفكيك اقتصاديات الحرب، ونزع السلاح من المليشيات، وإعادة إدماج المقاتلين نفسيًا واجتماعيًا. كما طالب باستبعاد المؤسسة العسكرية من الاقتصاد والحكم، وبناء جيش وطني مهني خاضع للسلطة المدنية، وإطلاق مشروع سياسي مدني شامل يعالج كافة أبعاد العسكرة وخطاب الكراهية، ويؤسس لمرحلة جديدة من الاستقرار.
روح ديسمبر
في ختام الإعلان، جدد المشاركون التزامهم بقيم الحرية والسلام والعدالة التي نادت بها ثورة ديسمبر، مؤكدين أن مستقبل السودان يجب أن يُبنى بإرادة أبنائه وبناته، عبر عمل منظم وجاد يستلهم روح الثورة، ويؤمن بقدرة الشعب السوداني على تحقيق تطلعاته في بناء دولة مدنية ديمقراطية عادلة وآمنة.