
في تطور يثير القلق بشأن الوضع الصحي في السودان، أعلنت وزارة الصحة عن تسجيل 102 حالة إصابة جديدة بالتهاب الكبد الوبائي في ولاية الجزيرة خلال أسبوع واحد، وفقاً لبيان صادر عن مركز عمليات الطوارئ التابع للوزارة. هذا الإعلان يأتي في وقت تتسارع فيه وتيرة انتشار الأمراض الوبائية في مختلف أنحاء البلاد، وسط تحديات متفاقمة تتعلق بنقص الأدوية وتراجع عدد الكوادر الطبية المؤهلة في المستشفيات والمراكز الصحية.
انتشار الأوبئة
البيان الصادر يوم الثلاثاء أشار إلى أن السودان يشهد موجة متصاعدة من انتشار عدة أوبئة، تشمل الكوليرا، حمى الضنك، الملاريا، والتهاب الكبد الوبائي. وتُظهر البيانات أن حمى الضنك سجلت 3126 إصابة خلال الفترة من 20 إلى 26 سبتمبر، منها 78% في ولاية الخرطوم، بينما توزعت النسبة المتبقية بين ولايتي الجزيرة والنيل الأبيض. هذا التوزيع الجغرافي يعكس اتساع نطاق التفشي، ويؤكد أن الأزمة الصحية لم تعد محصورة في العاصمة، بل امتدت إلى مناطق أخرى ذات كثافة سكانية عالية.
تصاعد الكوليرا
فيما يتعلق بالكوليرا، سجلت وزارة الصحة 641 حالة جديدة في 14 ولاية سودانية، مع تركّز 38% من هذه الإصابات في ولاية جنوب كردفان. هذا الرقم يعكس تصاعداً مقلقاً في انتشار المرض، ويشير إلى ضعف الرقابة الصحية في المناطق الطرفية، حيث تتراجع خدمات الصرف الصحي وتزداد احتمالات التلوث المائي. ويُنظر إلى هذه الأرقام على أنها مؤشر واضح على هشاشة النظام الصحي في مواجهة الأزمات المتكررة، خاصة في ظل غياب الدعم اللوجستي الكافي.
جهود بيئية
البيان شدد على أهمية تعزيز صحة البيئة والرقابة على الأغذية، مشيراً إلى تنفيذ عدد من الأنشطة الوقائية، من بينها توزيع مادة الكلور في عدة ولايات، ونقل 16528 طنًا من النفايات، وهو ما يمثل 76% من إجمالي الكميات المستهدفة. هذه الإجراءات تأتي ضمن خطة وطنية لمكافحة الأوبئة عبر تحسين الظروف البيئية، إلا أن فعاليتها تبقى محدودة في ظل التحديات اللوجستية، وغياب التنسيق الكامل بين الجهات المحلية والدولية العاملة في المجال الصحي.
مكافحة الحشرات
وفي إطار مكافحة الأطوار المائية التي تسهم في انتشار الأمراض المنقولة عبر الحشرات، أوضح مركز الطوارئ أن التدابير تشمل عمليات رش داخل وخارج المنازل، إلى جانب المسح الحشري وتوزيع الناموسيات في محليتي عطبرة وأبو حمد بولاية نهر النيل. هذه الإجراءات تهدف إلى الحد من انتشار الملاريا وحمى الضنك، إلا أن استمرار التفشي في مناطق واسعة يشير إلى الحاجة لتوسيع نطاق التدخلات الوقائية، وتوفير الموارد اللازمة لضمان استدامتها.
أضرار محلية
البيانات الرسمية كشفت أن 15 محلية في ولايات الجزيرة، الشمالية، والنيل الأبيض تأثرت بشكل مباشر من موجة الأوبئة الأخيرة، حيث تضررت 386 أسرة تضم نحو 1876 فردًا. هذه الأرقام تعكس البعد الإنساني للأزمة الصحية، وتسلط الضوء على معاناة الأسر التي تواجه تحديات مزدوجة تتمثل في نقص الخدمات الصحية وتدهور البنية التحتية، خاصة في المناطق الريفية التي تفتقر إلى مراكز علاجية مجهزة.
خطر الفيضان
في ختام البيان، حذّر مركز عمليات الطوارئ من احتمال تزايد انتشار الأوبئة خلال الفترة المقبلة، خاصة بعد وصول مناسيب الأنهار إلى مرحلة الفيضان في ست ولايات سودانية. هذا التطور يُنذر بتفاقم الوضع الصحي، لا سيما في ظل تعرض عدد من المرافق الصحية لدمار واسع نتيجة النزاع المستمر، ما يضع النظام الصحي أمام اختبار حقيقي في قدرته على الاستجابة السريعة والفعالة للأزمات المتلاحقة.