
في سياق التحذيرات الطبية المتكررة، يشير خبراء القلب إلى أن تناول أدوية ضغط الدم يتطلب حذراً شديداً في اختيار المشروبات اليومية، إذ يمكن لبعض السوائل الشائعة أن تتداخل مع فعالية هذه الأدوية أو تسبب آثاراً جانبية غير مرغوب فيها. وبينما تُعد أدوية ضغط الدم من أكثر العلاجات فعالية في تقليل خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية، فإن بعض المشروبات مثل شاي الأعشاب والعصائر قد تؤثر على آلية عملها، وفقاً لما نشره موقع “هيلث”، ما يستدعي مراجعة دقيقة للعادات الغذائية لدى المرضى.
عصائر الفاكهة
من بين أبرز التفاعلات المعروفة، يأتي عصير الجريب فروت في مقدمة المشروبات التي يُحذر منها الأطباء. الدكتورة سابرينا إسلام، المتخصصة في أمراض القلب، أوضحت أن هذا العصير يُثبط إنزيماً أساسياً يُعرف باسم CYP3A4، وهو المسؤول عن استقلاب العديد من أدوية ضغط الدم داخل الجسم. الإفراط في تناول الجريب فروت قد يؤدي إلى ارتفاع تركيز هذه الأدوية في مجرى الدم، ما يُسبب انخفاضاً حاداً في ضغط الدم. كما أشار الدكتور ديفيد مارون من كلية طب ستانفورد إلى أن عصائر أخرى مثل التفاح والبرتقال قد تؤثر أيضاً على امتصاص الأدوية، ما يُضعف فعاليتها العلاجية.
تأثير الكحول
الكحول يُعد من أكثر المواد التي تتداخل سلباً مع أدوية ضغط الدم، بحسب ما تؤكده الدكتورة إسلام. فالاستهلاك المنتظم للبيرة أو النبيذ قد يُعزز من تأثير الأدوية، ويؤدي إلى انخفاض كبير في ضغط الدم، فضلاً عن تفاقم الأعراض الجانبية مثل الدوخة، والإغماء، واضطراب ضربات القلب. المعهد الوطني لإدمان الكحول وتعاطيه في الولايات المتحدة أشار إلى أن الكحول نفسه قد يرفع ضغط الدم، ما يُقلل من فعالية العلاج ويُضاعف المخاطر الصحية، خاصة لدى المرضى الذين يعتمدون على الأدوية لضبط مستويات الضغط.
الكافيين والضغط
الكافيين أيضاً يُصنّف ضمن المواد التي قد تُقلل من فاعلية أدوية ضغط الدم، وفقاً للدكتور مارون، الذي أوصى بتحديد الاستهلاك اليومي إلى أقل من 400 ملليغرام. هذه الكمية تعادل تقريباً ثلاثة أكواب من القهوة، في حين يحتوي كوب الشاي على نحو 35 ملليغراماً، وتصل بعض مشروبات الطاقة إلى 250 ملليغراماً في الحصة الواحدة. حتى الكميات الصغيرة من شاي عرق السوس أو المشروبات التي تحتوي على الغلسرين، وهي مادة منكهة موجودة في جذر العرقسوس، قد ترفع ضغط الدم بشكل كبير وتُبطل مفعول الأدوية، ما يجعل مراقبة مصادر الكافيين أمراً ضرورياً.
أعشاب ضارة
المنتجات العشبية لا تقل خطورة عن المشروبات الأخرى، إذ يمكن أن تُغيّر طريقة امتصاص الجسم لأدوية ضغط الدم أو تؤثر على عملية التخلص منها. نبتة سانت جون، على سبيل المثال، تتداخل مع استقلاب الأدوية في الكبد، بينما يُمكن للجينسنغ والإفيدرا أن يرفع معدل ضربات القلب وضغط الدم بشكل مباشر، بحسب الدكتور هارلان كرومهولز من كلية ييل للطب. هذه التفاعلات قد تُضعف تأثير الدواء أو تُسبب أعراضاً مثل الدوخة، انخفاض البوتاسيوم، أو اضطراب ضربات القلب، ما يستدعي تجنب الجرعات العالية من مستخلص الشاي الأخضر وغيره من المكملات العشبية.
الصوديوم المخفي
حتى بعض العصائر النباتية التجارية قد تحمل مخاطر غير متوقعة، وفقاً لما أشار إليه كرومهولز، إذ تحتوي على نسب مرتفعة من الصوديوم يمكن أن تُسبب احتباس السوائل في الجسم. هذا التراكم يُجهد الأوعية الدموية ويرفع ضغط الدم بشكل مباشر، ما يُقلل من فعالية الأدوية ويُضاعف من خطر المضاعفات. في ضوء هذه المعطيات، يُوصي الخبراء بمراجعة دقيقة للمكونات الغذائية والمشروبات المصاحبة للعلاج، لضمان تحقيق أقصى استفادة من أدوية ضغط الدم دون التعرض لتفاعلات غير محسوبة.