Published On 5/9/2025
|
آخر تحديث: 16:38 (توقيت مكة)
يطرح مسلسل “سفاح التاكسي” كأحد أبرز الأعمال الدرامية العربية لموسم صيف 2025، جامعا بين الواقعية القاتمة واللمسة الفنية في تناول إحدى أبشع الجرائم الجنائية التي صدمت المجتمع اللبناني قبل 14 عاما.
ومن خلال توظيف تقنيات تصوير قاتمة، موسيقى مشحونة بالتوتر، وأداء تمثيلي متقن من نخبة من نجوم الدراما اللبنانية، يسعى العمل إلى تجاوز حدود الدراما البوليسية التقليدية نحو طرح أسئلة أعمق.
اقرأ أيضا
list of 2 itemsend of list
هذا التوازن بين التوثيقي والدرامي، بين الصدمة والقراءة التحليلية، يفتح المجال أمام تأملات سلوكية وتفاعلية مهمة، كذلك يمنح المسلسل خصوصيته ويجعله عملا جديرا بالمتابعة، وإليك أهم الأسباب التي ستدفعك لمشاهدته.
مشوار للموت! 🚖
12 جريمة هزت شوارع بيروت
كل رحلة قد تكون الأخيرة لسائقي التاكسي!انتظروا وثائقي#سفاح_التاكسي
من أعمال شاهد الأصلية
29 أغسطس على#shahid#حكايات_لا_تنتهيhttps://t.co/J0JZ608Ha9 pic.twitter.com/Ftfo9q6xrP— SHAHID (@ShahidVOD) August 24, 2025
دراما مكثفة من دون لحظة ملل
يعد العمل دراما أصلية قصيرة مكثفة من 4 حلقات فقط، تُعرض حصريا عبر منصة “شاهد” بمعدل حلقتين أسبوعيا، ما يمنحه إيقاعا سريعا وحبكة مشدودة تخلو من الإطالة والرتابة السردية، وتُسهِم في تضييق المسافة بين المشاهد وحالة التوتر النفسي المستمرة.
وتكمن قوة المسلسل في اعتماده على وقائع حقيقية تتعلق بسلسلة جرائم قتل مروعة وغير متوقعة، وهو ما يضفي على التجربة بعدا نفسيا واجتماعيا بالغ التأثير. وقد جرى دمج الشق الدرامي مع إضافات توثيقية توضيحية من بينها التحقيقات الصحفية والشهادات الحية التي من دونها لفقد العمل جزءا من قوة واقعيته وسحره الخاص.
حبكة مشدودة الإيقاع
تدور قصة مسلسل “سفاح التاكسي” حول سلسلة جرائم قتل تضم 12 جريمة متتالية جرت في بيروت عام 2011، ارتكبها شقيقان استهدفا سائقي سيارات الأجرة بطريقة دموية متكررة تمثلت في إطلاق رصاصة في الرأس -تحديدا خلف الأذن اليمنى- ثم إحراق السيارة أو تركها مهجورة من دون سرقة أي من محتوياتها.
هذا النمط الإجرامي الوحشي أدخل المجتمع في حالة من الارتباك، في حين واجهت الأجهزة الأمنية تحديات هائلة في تتبع القاتلين وفهم دوافعهم. ومع استمرار عمليات القتل ضحية تلو الأخرى والفشل بالقبض على المجرمين، رغم التحقيقات البوليسية التي تجري على قدم وساق والاقتراب خطوة بخطوة من كشف هوية الجناة، ساد الذعر بين السائقين وساء وضع الشرطة في حين أصيب أفرادها بالإحباط وخيبة الأمل.
وأمام خطوط الجريمة والتحقيق، يتكشف الصراع بين محاولة فهم العقلية الإجرامية، وبين الحاجة إلى مواجهة الرعب وضبط الأمن، في حبكة مشدودة الإيقاع تحافظ على التوتر حتى اللحظة الأخيرة.
بعد نفسي وتحليلي للشخصيات
ما يميز العمل عن غيره من المسلسلات المطروحة على الساحة حاليا كونه ليس مجرد إعادة تمثيل لوقائع صادمة، بل محاولة فنية لتفكيك سيكولوجيا الجريمة ورصد الظروف الاجتماعية والبيئية والدوافع التي أسهمت في صناعة هذا الانحراف، متأملا هشاشة المجتمعات أمام عنف منظم يخرج من العدم ليصير كابوسا، والفراغات الأمنية التي تتيح لمثل هذه الجرائم أن تتفشى.
كما أنه يسلط الضوء على التحديات التي واجهتها الشرطة في تتبع المجرمين والمحاولات المستميتة لتحليل شخصياتهم.
البنية الإخراجية والإيقاع البصري
على المستوى الفني تميز العمل بتناول جاد مبني على عناصر تصوير سينمائي درامي، إذ اعتمد المخرج إيلي حبيب على إيقاع متوازن يمزج بين التصعيد المفاجئ والهدوء المربك، مستخدما زوايا كاميرا قريبة تضيق الخناق على المتلقي وتدخله في صلب المعاناة النفسية للشخصيات، خالقة مناخا من الرعب النفسي والتشويق المستمر.
كذلك برع في خلق تباين بصري بين الليل القاتم حيث تقع الجرائم، وضوء النهار الذي لا يبدد الخوف بل يكشف هشاشة الأمن. ووفقا لما عرض حتى الآن، يبدو أنه جرى الإعداد للأداء ليكون متماسكا، والدليل اختيار طاقم الأبطال بعناية لضمان المصداقية وقوة الأداء التمثيلي، ورغم أن غالبية النجوم لم يظهروا بعد، لكن توقعات الجمهور لأصداء ظهورهم إيجابية وحماسية.
الموسيقى التصويرية والتصميم الصوتي
جاءت الموسيقى التصويرية كخيط مشدود يرافق التوتر الدائم ويدعم تصاعد الحبكة، مستخدمة آلات وترية حادة وإيقاعات بطيئة متقطعة لتوليد شعور بالقلق المستمر. كما كان للتصميم الصوتي، من أصوات الرصاص وصدى الصمت الثقيل في الشوارع الفارغة، دور في تعميق الانغماس في الأجواء المظلمة.
في النهاية، نجح “سفاح التاكسي” في أن يكون أكثر من مجرد سرد بوليسي لجرائم وحشية، متحولا إلى مرآة تعكس عمق الخوف الإنساني، من خلال حبكة متماسكة، ورؤية إخراجية واعية، تضعنا أمام تجربة درامية مكثفة تحاكي الذاكرة وتثير التفكير.
المسلسل دراما لبنانية عرضت منها حلقتان حتى الآن، وهو مناسب لمحبي الجريمة المقتبسة عن أحداث حقيقية أو التي تحوي طابعا وثائقيا، كما أنه يناسب الباحثين عن أعمال قصيرة يمكن الانتهاء منها في عطلة واحدة.
يذكر أن المسلسل يضم نجوما بارزين من الدراما اللبنانية، منهم: رودني حداد، بيتر سمعان، ميرفا القاضي، بديع أبو شقرا، كارمن لبس، وطوني عيسى. ومن وراء الكاميرا، قام بالتأليف إيلي السمعان، والإخراج إيلي حبيب، وهو ما يوحي بجدية التناول الدرامي وروح التوثيق.