مراسلو الجزيرة نت
دمشق- تتواصل، لليوم الثالث على التوالي، موجة الحرائق الضخمة التي تضرب مناطق عدة في ريف اللاذقية، وسط مخاوف من تفاقم الكارثة البيئية والإنسانية، بعد احتراق أكثر من 5600 هكتار من الأراضي الزراعية والغابات، وفقا لوزير الطوارئ والكوارث في سوريا رائد الصالح.
وفي تصريح رسمي، أوضح الوزير أن انتشار النيران يعود لاشتداد الرياح وارتفاع درجات الحرارة، مضيفا أن فرق دعم من عدة محافظات أُرسلت لتعزيز جهود الدفاع المدني.
وأشار إلى أن طبيعة التضاريس الصعبة، وبُعد مصادر المياه، ووجود ألغام ومخلفات حرب، يعيق بشكل كبير عمليات الإطفاء، خاصة في مناطق مثل قسطل معاف ومحيط بلدة ربيعة، مؤكدا أن فرق الإطفاء تواجه صعوبات ميدانية كبيرة في الوصول إلى بعض بؤر النيران.
استنفار واسع
من جانبه، أفاد مدير الدفاع المدني السوري التابع لوزارة الكوارث السورية، منير مصطفى، بأن 62 طاقم إطفاء من مختلف المحافظات، معظمهم من فرق الغطاء الحراجي، تم استنفارهم منذ مساء الخميس الماضي، بينما انضمت فرق إطفاء تركية للمساعدة باستخدام مروحيتين و11 آلية إطفاء.
وأضاف مصطفى أن السيطرة الجزئية تحققت -صباح أمس الجمعة- على بعض النقاط، لكن سرعة الرياح وارتفاع درجات الحرارة جدّدا انتشار النيران.
كما نبّه إلى أن بعض المناطق المتضررة تحتوي على مخلفات متفجرة، مما يزيد من خطورة المهام الميدانية. وبيّن أن الخسائر لم تقتصر على الغابات، بل طالت المزروعات والممتلكات الخاصة، في وقت تتولى فيه المحافظة عمليات الإجلاء، بينما تتركز جهود الدفاع المدني على مكافحة النيران ومنع امتدادها.
وفي شهادة من الميدان، تحدث محمد بكري، وهو مزارع من ريف اللاذقية، عن سرعة انتشار النيران واقترابها من منزله خلال ساعات قليلة، واحتراق معظم بساتينه التي تضم أشجار زيتون وكرز وتين.
وأشار إلى أن محاولاته الأولية في الإطفاء كانت غير مجدية بفعل قوة الرياح، قبل وصول الدفاع المدني، لافتا إلى أن خسائره تعادل موسمين من العمل الزراعي، وهو حال العديد من أهالي القرية الذين فقدوا تعب سنواتهم في لحظات.

تعليمات
ومع اتساع نطاق الدخان المنبعث من مواقع الحرائق، أصدر الدفاع المدني تحذيرات صحية واسعة لسكان المناطق المجاورة، وتحديدا في شمال جبال الساحل وجنوب إدلب. وأعلن سلسلة إجراءات حماية طالب الأهالي، لا سيما الأطفال وكبار السن ومرضى الجهاز التنفسي باتباعها، ومنها:
- عدم مغادرة المنازل.
- إغلاق النوافذ.
- ارتداء الكمامات الواقية.
- التوجه للمراكز الطبية عند الشعور بضيق النفس.
- عدم إشعال أي نيران بالمناطق الحراجية أو الزراعية.
- الإبلاغ عن أية حالات قد تدل على حرائق متعمّدة.
وفي سياق الدعم الإقليمي، بدأت فرق إطفاء تركية بالمشاركة الفعلية في جهود الإخماد عبر مروحيتين، و8 سيارات إطفاء، و3 خزانات مزوّدة للمياه، بالتنسيق المباشر مع وزارة الطوارئ السورية.
وتأتي هذه المساهمة وسط تصاعد المناشدات المحلية والدولية لتقديم دعم عاجل، في ظل تضاريس المنطقة الجبلية التي تعيق العمل الأرضي وتحدّ من فعاليته.

استغاثة وتحذير
وفي هذا الإطار، وجّه مدير فريق “شباب سوريا” في الساحل السوري، إبراهيم الزيدان، نداء استغاثة لجميع المنظمات العاملة في الشأن الإنساني، داعيا إلى تأمين السكان الذين نزحوا من منازلهم نحو مناطق مجهولة.
وأوضح أن هذه الحرائق تُعد من الأضخم التي شهدتها سوريا منذ عقود، استنادا إلى روايات الأهالي، وأشار إلى وجود جهود أهلية لمساندة فرق الدفاع المدني ووزارة الداخلية في عمليات الإطفاء، لكنه لفت إلى أن الإمكانيات تبقى محدودة أمام حجم الكارثة.
ونقل الزيدان اتهامات سكان محليين لعناصر من النظام السابق بإشعال الغابات والأحراش الجبلية في توقيت متزامن، بهدف تخريب غابات الساحل السوري، مستغلين الرياح ودرجات الحرارة العالية، بعد فشلهم بتحقيق أي مكاسب عسكرية، حسب تعبيره.
وقال “نفذنا كافة المهام المطلوبة، ونقلنا صهاريج المياه من مصادر متعددة داخل المدينة، بما في ذلك القنوات والمحطات والبحيرات، لتأمين احتياجات فرق الإطفاء في مواقع العمل”.
وتُظهر الشهادات الميدانية مدى تعقيد المشهد في ريف اللاذقية، في ظل استمرار انتشار النيران، وصعوبة السيطرة عليها، والحاجة الملحّة لتكثيف جهود الإغاثة والإطفاء محليا ودوليا، خاصة مع استمرار الرياح ووجود عوامل طبيعية وبشرية تؤجج الكارثة.
أما الناشط الإعلامي محمد عدنان فأكد أن الدخان المتصاعد جراء حرق الغابات بات يظهر كسُحب كثيفة في محافظات إدلب واللاذقية وطرطوس، وهناك خشية من حدوث حالات اختناق بين الأطفال، خصوصا الذين يعانون من أمراض تنفسية وتحسسية.
وأشار في حديثه للجزيرة نت، لوجود مخاوف من امتداد الحرائق إلى أحراش ريف طرطوس وريف حماة الغربي وريف إدلب الغربي، التي تضم مساحات خضراء واسعة.