في تطور ميداني جديد يعكس تصاعد حدة المواجهات في غرب السودان، فرضت قوات الدعم السريع حصاراً جديداً على مدينة بابنوسة، معلنة سيطرتها على ثلاثة محاور رئيسية ومحاصرة مقر الفرقة 22 التابعة للجيش السوداني، في وقت تتزايد فيه التحذيرات من تدهور الأوضاع الإنسانية داخل المدينة المحاصرة.
تقدم ميداني
أعلنت قوات الدعم السريع، في بيان صدر الأربعاء، أنها بسطت سيطرتها الكاملة على ثلاثة محاور داخل مدينة بابنوسة بولاية غرب كردفان، مؤكدة إحكام الحصار على مقر الفرقة 22 التابعة للجيش السوداني. كما أفادت بإسقاط طائرة مسيرة تابعة للجيش في سماء المدينة صباح اليوم ذاته. وتأتي هذه التطورات في ظل اشتعال المعارك بين الطرفين، حيث تحولت بابنوسة إلى ساحة مواجهة جديدة بعد أن شهدت واحدة من أعنف المعارك في الإقليم خلال الأيام الماضية.
اتهامات متبادلة
في سياق متصل، اتهمت شبكة أطباء السودان قوات الدعم السريع باعتقال سبع أسر مدنية، تضم نساء وأطفالاً، في المناطق المحيطة بمدينة بابنوسة، على خلفية الاشتباه بانتماء ذويهم إلى الجيش السوداني. ووصفت الشبكة هذه الممارسات بأنها تمثل اعتقالاً تعسفياً وعقاباً جماعياً بحق المدنيين، وترقى إلى مستوى جرائم الحرب. من جانبه، نفى الباشا طبيق، مستشار قائد الدعم السريع، هذه الاتهامات، مؤكداً في تغريدة على منصة “إكس” أن المدينة خالية من المدنيين منذ منتصف العام الماضي، واتهم الشبكة بنشر ما وصفه بالشائعات لتضليل الرأي العام.
اشتباكات عنيفة
تجددت صباح الأربعاء المواجهات العسكرية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في مدينة بابنوسة، حيث شنت الأخيرة هجوماً واسعاً من أكثر من ثلاثة محاور، ما أدى إلى اندلاع اشتباكات عنيفة استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة والمدفعية. ووفقاً لمصادر ميدانية، ترافقت المعارك مع قصف مدفعي متبادل، إذ استهدفت قوات الدعم السريع تحركات الجيش داخل المدينة، بينما رد الجيش بقصف المواقع التي تنطلق منها القذائف. ولم يصدر تعليق رسمي من الجيش حول إعلان الدعم السريع إسقاط طائرة مسيرة من طراز “كانجي” في سماء المدينة لكنه قال في بيان ان الوضع تحت السيطرة .
انتشار ميداني
تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر عناصر من قوات الدعم السريع داخل عدد من أحياء بابنوسة، مؤكدين تقدمهم في المحاور الشمالية والغربية والجنوبية، إضافة إلى اختراق السوق من الجهة الشرقية. ووفقاً لما ورد في تلك التسجيلات، فإن قوات الدعم السريع فرضت حصاراً جديداً على مواقع الجيش داخل المدينة، ما دفع القوات المسلحة إلى التراجع نحو مقر الفرقة 22 مشاة بعد معارك عنيفة. وتشير التسجيلات إلى أن المسافة الفاصلة بين قوات الدعم السريع ومقر الفرقة لا تتجاوز ثلاثة أحياء، من بينها حي المطار وحي السلام.
حصار مستمر
أكدت قوات الدعم السريع في بيانها الصادر يوم الأربعاء 12 نوفمبر 2025 أنها أسقطت طائرة مسيرة في مدينة بابنوسة، مشيرة إلى استعدادها لصد أي هجوم محتمل من الجيش السوداني. وتخضع المدينة منذ أشهر لحصار خانق فرضته قوات الدعم السريع، ما تسبب في أزمة حادة في الغذاء والدواء، وسط استمرار المعارك منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023. وتسيطر قوات الدعم السريع على معظم مناطق غرب كردفان، بما في ذلك الفولة، النهود، والخوي، بينما يحتفظ الجيش بوجوده في بابنوسة وحقول النفط في هجليج.
أزمة إنسانية
أدت المواجهات المستمرة في بابنوسة إلى سقوط المئات من القتلى والجرحى في صفوف المدنيين، ما دفع معظم السكان إلى إخلاء منازلهم في حركة نزوح غير مسبوقة. وقد نزح آلاف المدنيين وسط ظروف إنسانية وصحية بالغة التعقيد، مع تصاعد المناشدات لفتح ممرات آمنة تتيح حركة المواطنين ووصول المساعدات الإنسانية بشكل عاجل. وتكتسب المدينة أهمية استراتيجية كبيرة، إذ تقع على خط السكة الحديد الذي يربط بين كوستي في ولاية النيل الأبيض ونيالا وصولاً إلى مدينة واو في جنوب السودان، ما يجعلها نقطة محورية في الصراع الدائر.
