في ظل تصاعد النزاع المسلح في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور، تواجه منطقة طويلة أوضاعًا إنسانية متدهورة، بعدما تحولت إلى أكبر مركز لاستقبال النازحين في السودان، حيث يعيش عشرات الآلاف في العراء دون مأوى أو خدمات أساسية، وسط مطالب متزايدة بتدخل عاجل من المنظمات الإنسانية.
مركز النزوح
تحولت منطقة طويلة، الواقعة على بعد نحو 60 كيلومترًا غرب مدينة الفاشر، إلى أكبر نقطة تجمع للنازحين في السودان، حيث تؤوي حاليًا ما يقارب 665 ألف شخص، معظمهم فرّوا من الفاشر نتيجة المواجهات العسكرية بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأفادت صحيفة “دارفور24” بأن مئات الأسر تفترش الأرض في مخيم دبة نايرة الجديد، وسط غياب كامل لخيام الإيواء والمرافق الأساسية. وأوضح الناشط آدم موسى عبد الرحمن أن طويلة استقبلت خلال الأسابيع الثلاثة الماضية نحو أربعة آلاف أسرة جديدة، رغم أنها كانت تحتضن أصلًا آلاف النازحين الذين يعيشون في ظروف معيشية محدودة، ما فاقم الضغط على الموارد والخدمات المتاحة.
تصاعد النزوح
كشف مصدر في المجلس النرويجي للاجئين أن عدد النازحين الذين تم تسجيلهم في منطقة طويلة منذ 18 أكتوبر الماضي وحتى الآن بلغ نحو 7,710 شخصًا. وتأتي هذه الأرقام في أعقاب سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر في 26 أكتوبر، بعد مواجهات دامية بدأت في 11 مايو 2024. وأكدت منظمة الهجرة الدولية في تقريرها الصادر بتاريخ 29 أكتوبر أن 98% من الأسر في طويلة تفتقر إلى أدوات النوم الأساسية مثل الأغطية والفرش والناموسيات، بينما تعاني 80% من ضيق المساحة، و41% من انعدام الأمان أثناء النوم، ما يعكس حجم التحديات التي تواجه النازحين في هذه المنطقة.
أزمة الغذاء
لا تقتصر معاناة النازحين في طويلة على غياب المأوى، بل تمتد إلى نقص حاد في الغذاء، حيث أبلغت 86% من الأسر عن سوء في استهلاك الطعام، وفقًا لتقرير منظمة الهجرة الدولية. كما أظهرت البيانات أن 30% من الأطفال دون سن الخامسة يعانون من النحافة أو ضعف النمو. وأشار التقرير إلى أن غالبية الأسر تواجه صعوبات كبيرة في الوصول إلى الرعاية الصحية، حيث لم تتلقَّ نصفها العلاج اللازم بسبب نقص الأدوية أو عدم القدرة على تحمل التكاليف، رغم انتشار أمراض مثل الملاريا والإسهالات وأمراض الجهاز التنفسي، ما يزيد من هشاشة الوضع الصحي في المخيمات.
شهادات ميدانية
في مخيم دبة نايرة، عبّر عدد من النازحين الفارّين من الفاشر عن استيائهم من تدهور الأوضاع الإنسانية في منطقة طويلة. وقالت حليمة يعقوب، وهي ربة أسرة، إنها فقدت زوجها في أكتوبر الماضي نتيجة استهداف مركز لإيواء النازحين بدار الأرقم في حي أبوشوك بطائرة مسيّرة تابعة لقوات الدعم السريع. وأوضحت أنها فرت مع أطفالها قبل ثلاثة أسابيع، إلا أن الظروف المعيشية ما تزال قاسية، رغم بعض المساعدات التي تقدمها المنظمات الإنسانية، والتي لا تفي باحتياجات النازحين الجدد. وطالبت حليمة بتوفير خيام الإيواء والأغطية بشكل عاجل، خاصة للعائلات التي وصلت مؤخرًا من مناطق النزاع.
تقييم شامل
في تقييم ميداني نشره المجلس النرويجي للاجئين بتاريخ 18 أغسطس 2025، تبين أن 98% من الأسر في طويلة غير قادرة على تلبية احتياجاتها الأساسية، نتيجة نقص الموارد المالية، وغياب فرص العمل، وانتشار الإعاقة والمرض. وأفاد التقرير بأن 46% من الأسر تعتمد على الإغاثة والمطابخ الجماعية للحصول على الغذاء، بينما تعتمد 44% على التبرعات والمشتريات، فيما تلجأ النسبة المتبقية إلى القروض والتسوّل. كما أشار إلى أن الأسر اضطرت إلى تبني استراتيجيات تكيّف سلبية، شملت تقليل عدد الوجبات اليومية، واستهلاك طعام منخفض الجودة، وتقييد الحركة لتوفير المال، وتجنب الرعاية الصحية بسبب التكلفة، والاعتماد الكامل على المساعدات الإنسانية.
