في مقابلة سياسية نشرتها صحيفة “يني شفق” التركية، عبّر الدكتور إبراهيم ناصر، الضابط السابق بجهاز الأمن السوداني والباحث في العلاقات الدولية، عن مخاوفه من تفكك الدولة السودانية، مشيرًا إلى ما وصفه بتدخلات إقليمية ودولية تُسهم في تعميق الأزمة. ودعا ناصر، وفق تعبيره، إلى تدخل عسكري مباشر من تركيا لحماية مصالحها الاستراتيجية في البحر الأحمر والقارة الأفريقية، معتبرًا أن استمرار الصراع يهدد التوازن الإقليمي ويقوّض النفوذ التركي في مناطق حيوية.
أجرى الكاتب والسياسي التركي آيدن أونال حوارًا موسعًا مع الدكتور إبراهيم ناصر، الذي سبق له العمل في جهاز الأمن السوداني قبل انتقاله إلى تركيا بمنحة دراسية من رئاسة أتراك المهجر والمجتمعات ذات القربى. ناصر، الذي أنهى مؤخرًا أطروحته للدكتوراه في قسم العلاقات الدولية بجامعة إسطنبول، بات يظهر كمحلل سياسي على قنوات تركية ناطقة بالعربية، بعضها محسوب على جماعة الإخوان المسلمين الدولية. وخلال المقابلة، تناول ناصر تطورات النزاع في السودان، مشيرًا إلى أن الأزمة الحالية تتجاوز البعد السياسي، وتمتد إلى البنية القبلية والعرقية، ما يجعلها أكثر تعقيدًا من مجرد صراع على السلطة.
أوضح ناصر أن النزاع في السودان يحمل طابعًا عرقيًا متجذرًا، حيث تنتمي القبائل المنتشرة في غرب البلاد إلى تحالفات تاريخية تتجاوز الحدود الوطنية وتمتد إلى دول مجاورة مثل تشاد وليبيا والنيجر والجزائر ومالي. ووفق وصفه، فإن هذه القبائل تُسلّح من قبل جهات خارجية وتُستخدم كأدوات لتأجيج الصراع الداخلي. وأضاف أن السودان، الذي شهد انقسامًا سابقًا بين شمال وجنوب، يواجه الآن ما أسماه بمخطط لتقسيمه إلى ثلاثة كيانات مستقلة. وأشار إلى أن الانتماء القبلي في هذه المناطق يفوق الانتماء الديني، لافتًا إلى استمرار بعض الممارسات التقليدية وفق زعمه مثل العبودية وقتل الأطفال المولودين من الإماء، رغم أن هذه المجتمعات تُعدّ مسلمة من الناحية الشكلية وفق ادعائه.
في رده على سؤال حول دور الإمارات في الأزمة، قال ناصر إن أبوظبي، حسب تعبيره، ليست سوى أداة في مشهد أكبر تديره قوى دولية مثل إسرائيل والولايات المتحدة. وأشار إلى وجود خبراء عسكريين من أوكرانيا ومرتزقة من كولومبيا يشاركون ميدانيًا في العمليات، بينما تصل الأسلحة عبر الإمارات. وذكر أن دعم الإمارات للانفصاليين موثق بالأدلة والتقارير، مؤكدًا أن هذا الدعم يشكل جزءًا من استراتيجية أوسع تهدف إلى إعادة تشكيل السودان بما يخدم مصالح خارجية. واعتبر أن هذه التدخلات تسهم في إضعاف الدولة السودانية وتفكيك بنيتها السياسية والاجتماعية.
أكد ناصر أن السودان يمتلك نحو 80% من احتياطيات الذهب في المنطقة، ما يجعله هدفًا اقتصاديًا مغريًا، لكنه شدد على أن الصراع لا يقتصر على الموارد المعدنية. وأوضح أن السيطرة على الأراضي الزراعية والمناجم في دارفور، إضافة إلى الموانئ الاستراتيجية، تمثل أهدافًا رئيسية للقوى المتورطة في النزاع. ووفق تعبيره، فإن أمن إسرائيل يُعد الدافع الأساسي وراء تفكيك السودان، مشيرًا إلى أن تل أبيب تسعى لجعل البحر الأحمر منطقة آمنة لها. كما اتهم إسرائيل بمحاولة كسر دعم السودان للقضية الفلسطينية، بينما تسعى دول عربية، وعلى رأسها الإمارات والسعودية، إلى تقويض الهوية الدينية للسودانيين من خلال وصفهم بأنهم ينتمون إلى “حركة الإخوان”.
نفى ناصر صحة ما يُشاع عن موافقة السودان على اتفاقيات أبراهام، مؤكدًا أن من تبناها هو محمد حمدان دقلو، المعروف بـ”حميدتي”، قائد قوات الدعم السريع، الذي وصفه بأنه مسؤول عن ارتكاب مجازر في دارفور. وأشار إلى أن إشراك حميدتي في إدارة السودان كان نتيجة لسياسات خاطئة، مضيفًا أن هناك تحالفًا واضحًا بين إسرائيل ودول عربية وميليشيات انفصالية يهدف إلى تفكيك الدولة السودانية وإضعافها على المستويين السياسي والديني. واعتبر أن هذه التحالفات تُسهم في إعادة تشكيل المشهد السوداني بما يخدم مصالح خارجية على حساب وحدة البلاد.
في ختام المقابلة، شدد ناصر على أن الأزمة السودانية تمس مصالح تركيا بشكل مباشر، محذرًا من أن تقسيم السودان سيؤدي إلى تقويض النفوذ التركي في ليبيا والصومال، ويهدد سيادتها في البحر الأبيض المتوسط. وأوضح أن السودان يمثل بوابة استراتيجية لأفريقيا، وأن خسارته تعني خسارة تركيا لنفوذها الإقليمي. ودعا إلى دعم الشباب السوداني المتعلم في تركيا، وتنظيم جهودهم للمساهمة في استقرار بلادهم. لكنه أكد أن الدعم العسكري للجيش السوداني يجب أن يكون أولوية، خاصة في ظل امتلاك الميليشيات الانفصالية لأسلحة فتاكة، بعضها صيني المصدر، وصلت عبر الإمارات. وختم بالقول إن خسارة السودان في هذه الحرب ستكون، وفق وصفه، خسارة مباشرة لتركيا.
تنويه : الخبر تم جلبه من المصدر ونشره اليا في اخبار السودان كما هو رابط
المصدر من هنا
