في ظل تجدد الاتهامات المتبادلة بين أديس أبابا وأسمرة، عاد ملف النزاع الإثيوبي الإريتري إلى واجهة الأحداث الإقليمية، وسط مخاوف من انهيار التفاهمات التي أنهت الحرب بين البلدين قبل أكثر من خمسة وعشرين عاماً، وذلك على خلفية خلافات متصاعدة حول ميناء عصب والتنسيق العسكري المحتمل مع جبهة تيغراي.
اتهامات متبادلة
تبادلت إثيوبيا وإريتريا الاتهامات بشأن تحركات عسكرية وتنسيقات أمنية وصفت بأنها تهدد الاستقرار الحدودي بين البلدين، ما أعاد المخاوف من اندلاع مواجهة جديدة بعد سنوات من الهدوء النسبي. وبرزت هذه الاتهامات في سياق تقارير إعلامية تشير إلى نشاطات غير معلنة حول ميناء عصب الاستراتيجي، إلى جانب مزاعم بتنسيق إثيوبي مع عناصر من جبهة تيغراي، التي خاضت حرباً دامية مع الحكومة الفيدرالية الإثيوبية في السنوات الأخيرة. وتأتي هذه التطورات في وقت تشهد فيه المنطقة حالة من الترقب السياسي والعسكري، وسط غياب مؤشرات واضحة على وجود قنوات دبلوماسية فاعلة بين الطرفين.
ميناء عصب
يشكل ميناء عصب نقطة ارتكاز في التوترات الحالية، حيث تتهم أسمرة أديس أبابا بالسعي إلى تعزيز نفوذها في الميناء عبر ترتيبات غير معلنة، وهو ما تعتبره إريتريا تهديداً مباشراً لسيادتها. وتُعد هذه المنشأة البحرية من أهم المرافق الحيوية في البحر الأحمر، وقد لعبت دوراً محورياً في النزاع السابق بين البلدين. وتثير التحركات الأخيرة حول الميناء تساؤلات حول طبيعة التفاهمات القائمة منذ اتفاق السلام الموقع عام 2000، ومدى التزام الطرفين ببنوده في ظل التغيرات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة.
جبهة تيغراي
في سياق متصل، تزايدت الاتهامات الإريترية لإثيوبيا بشأن إعادة فتح قنوات اتصال مع جبهة تيغراي، التي كانت في حالة عداء مباشر مع الحكومة الفيدرالية الإثيوبية خلال النزاع المسلح الذي اندلع عام 2020. وتعتبر أسمرة أي تقارب محتمل بين أديس أبابا وتيغراي تهديداً لأمنها القومي، خاصة بعد أن شاركت القوات الإريترية في العمليات العسكرية ضد الجبهة خلال الحرب. وتأتي هذه الاتهامات في وقت لم تصدر فيه الحكومة الإثيوبية أي توضيحات رسمية بشأن طبيعة علاقتها الحالية مع تيغراي، ما يزيد من تعقيد المشهد السياسي والأمني بين البلدين.
مخاوف إقليمية
أثارت هذه التطورات قلقاً متزايداً في الأوساط الإقليمية والدولية، وسط تحذيرات من أن أي تصعيد جديد بين إثيوبيا وإريتريا قد ينعكس سلباً على الأمن في منطقة القرن الأفريقي. ويُنظر إلى الاتهامات المتبادلة على أنها مؤشر على هشاشة التفاهمات السابقة، في ظل غياب آليات واضحة لحل النزاعات أو احتواء التوترات. ويأتي ذلك في وقت تشهد فيه المنطقة تحديات أمنية متعددة، من بينها النزاعات الداخلية في السودان والصومال، ما يجعل أي تصعيد إضافي بين أديس أبابا وأسمرة عاملاً مهدداً للاستقرار الإقليمي برمته.
