
وساطة منفصلة
المصادر ذاتها أوضحت أن النقاشات الجارية تتم بشكل منفصل بين الأطراف، بناءً على ورقة تفاوضية قدمتها الإدارة الأميركية استنادًا إلى بيان الرباعية الدولية. وأشارت إلى أن المفاوضات وصلت إلى مراحل متقدمة، وقد تسفر عن نتائج ملموسة قبل انعقاد اجتماع رسمي مرتقب لدول الرباعية خلال الأيام المقبلة. هذه الورقة التفاوضية تمثل محاولة جديدة لإعادة ضبط مسار العملية السياسية، بعد تعثر الجولات السابقة، وتأتي في ظل تنسيق دولي متزايد بين واشنطن والرياض وأبوظبي والقاهرة.
لقاء البرهان
بحسب ما ورد ، فإن الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان عقد اجتماعًا مع وفد الجيش قبل مغادرته إلى العاصمة الأميركية، ناقش خلاله كافة التفاصيل المتعلقة بالمفاوضات، بما في ذلك الشروط والمطلوبات التي يجب أن تُطرح خلال اللقاءات. هذا الاجتماع يعكس حرص القيادة العسكرية السودانية على ضبط الموقف التفاوضي، وتحديد الخطوط الحمراء التي لا يمكن تجاوزها، خاصة في ظل تعقيدات المشهد الميداني والسياسي داخل السودان.
تفاهمات الدعم السريع
في المقابل، كشفت المصادر أن قوات الدعم السريع أرسلت وفدًا يقوده مسؤول رفيع المستوى، أجرى سلسلة من التفاهمات مع مسعد بولس، مستشار الرئيس الأميركي لشؤون أفريقيا والعالم العربي. هذه التفاهمات شملت معظم النقاط المطروحة من قبل الوساطة الدولية في وقت سابق، ما يشير إلى وجود أرضية مشتركة يمكن البناء عليها في حال توفرت الإرادة السياسية لدى الطرفين. اللقاءات التي جرت بين وفد الدعم السريع والمبعوث الأميركي تعكس انخراطًا مباشرًا في مسار التفاوض، رغم استمرار العمليات العسكرية على الأرض.
إشراف دولي
الوساطة الدولية، بحسب المصادر، تمارس ضغوطًا كبيرة على الطرفين من أجل التوصل إلى تفاهمات عاجلة، وتُعقد اللقاءات الحالية تحت إشراف مباشر من نائب وزير الخارجية السعودي ونائب وزير الخارجية الأميركي. هذا الحضور الدبلوماسي الرفيع يعكس جدية المجتمع الدولي في دفع الأطراف السودانية نحو اتفاق أولي، يفتح الباب أمام هدنة إنسانية تسمح بإيصال المساعدات وفتح ممرات آمنة للمناطق المحاصرة. ومع ذلك، لا تزال هناك تحفظات من جانب الجيش السوداني بشأن توقيت وقف إطلاق النار.
تحفظات الجيش
وفد الجيش السوداني، وفقًا للمصادر، يتمسك بعدم توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار في الوقت الراهن، خشية أن تستغله قوات الدعم السريع لإعادة ترتيب صفوفها والعودة إلى العمليات العسكرية بصورة أكثر عنفًا. هذا الموقف يعكس قلقًا عميقًا من إمكانية استخدام الهدنة كفرصة تكتيكية، بدلًا من كونها خطوة نحو السلام. الجيش يطالب بضمانات واضحة قبل أي اتفاق، ويشدد على ضرورة معالجة الترتيبات العسكرية بشكل شامل قبل الانتقال إلى أي مرحلة سياسية.
ترتيبات لاحقة
المصادر أكدت أن الأطراف اتفقت على تأجيل مناقشة الترتيبات السياسية إلى ما بعد التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، ووضع إطار واضح للترتيبات العسكرية، بما في ذلك تحديد مصير الجيوش. بعد ذلك، سيتم الدعوة إلى حوار سياسي بين القوى المدنية، بهدف التوصل إلى صيغة توافقية تُفضي إلى تشكيل حكومة مدنية تقود البلاد نحو انتخابات. هذا التسلسل الزمني يعكس رغبة الوساطة الدولية في بناء عملية سلام تدريجية، تبدأ من الميدان وتنتهي بصيغة سياسية جامعة.
اجتماعات واشنطن
في وقت سابق، كشفت مصادر متطابقة عن ترتيبات لعقد اجتماعات في مقر وزارة الخارجية الأميركية، تجمع ممثلين عن قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية، دون أن يلتقي الطرفان بشكل مباشر. ووفقًا لما نقلته مراسلة قناة الشرق من واشنطن، رنا أبتر، فإن نائب وزير الخارجية الأميركي سيقود هذه اللقاءات، بالتنسيق مع نظيره السعودي، في إطار جهود الرباعية الدولية لدفع خارطة الطريق التي تم الإعلان عنها في سبتمبر الماضي. هذه الاجتماعات تمثل مرحلة تنفيذية من المبادرة الدولية، لكنها لا تزال تواجه تحديات ميدانية وسياسية كبيرة.
خارطة الطريق
خارطة الطريق التي تبنتها دول الرباعية، والتي تضم الولايات المتحدة والسعودية والإمارات ومصر، تهدف إلى وقف الحرب في السودان وإعادة إطلاق العملية السياسية. وقد تم التوافق عليها في واشنطن كإطار أولي لتسوية الأزمة، لكنها تواجه عقبات كبيرة على الأرض، في ظل استمرار العمليات العسكرية وتصاعد الخطاب السياسي المتوتر بين الأطراف المتنازعة. هذه الخارطة تمثل محاولة دولية لإعادة بناء الثقة بين الفرقاء السودانيين، لكنها تتطلب التزامًا فعليًا من جميع الأطراف لتحقيق نتائج ملموسة.
موقف حاسم
في تصريحات رسمية، شدد الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان على أن الشعب السوداني يتطلع إلى سلام قائم على أسس وطنية واضحة، مؤكدًا أن أي مبادرة دولية يجب أن تراعي هذه المبادئ. البرهان رفض بشكل قاطع إدماج قوات الدعم السريع في أي تسوية سياسية أو عسكرية، معتبرًا أن ذلك يُعد تجاوزًا لإرادة السودانيين ويقوض فرص بناء دولة مدنية مستقرة. هذا الموقف يعكس تصعيدًا في الخطاب الرسمي تجاه الدعم السريع، ويضع شروطًا صارمة أمام جهود الوساطة الدولية، ما قد يؤثر على مسار المفاوضات الجارية.
دعم أميركي
في سياق متصل، كشفت مصادر دبلوماسية أن مستشار الرئيس الأميركي لشؤون أفريقيا والعالم العربي، مسعد بولس، أبلغ البرهان خلال لقاء جمعهما في القاهرة، أن واشنطن مستعدة للمساهمة في إعادة إعمار السودان بعد التوصل إلى سلام شامل. وأشار بولس إلى أن عددًا من الشركات الأميركية الكبرى أبدت اهتمامًا فعليًا بإطلاق مشاريع استثمارية ضخمة في السودان، في حال تحقق الاستقرار السياسي والأمني. هذا التعهد يعكس رغبة أميركية واضحة في دعم السودان اقتصاديًا، لكنه يظل مشروطًا بإنهاء الحرب وتثبيت مسار السلام بشكل مستدام.