
في تصريحات مثيرة للجدل، اتهم محمد حسن التعايشي، رئيس وزراء حكومة السلام والوحدة في السودان، قائد الجيش عبد الفتاح البرهان بأنه يمثل أداة تنفيذية للمشروع الإسلامي في البلاد، بل إنه، بحسب وصفه، خدم مصالح الإسلاميين أكثر من الرئيس السابق عمر البشير. وفي حديثه عبر بودكاست “سودان 360″، وصف التعايشي البرهان بأنه شخصية “مرتبكة” و”فاقدة للهوية”، لكنه في الوقت ذاته “الأكثر ملاءمة” لتنفيذ أجندة الإسلاميين في لحظة سياسية حرجة. وأشار إلى أن البرهان وجد نفسه ضمن تحالف اجتماعي-أيديولوجي مزدوج، استغل فيه الإسلاميون اختراقهم للمؤسسة العسكرية، ليصبح الجنرال الذي قدّم لهم أكبر خدمة بعد الثورة.
التعايشي ألقى باللوم على الشبكات الإسلامية في إشعال فتيل الحرب التي اندلعت في 15 أبريل، معتبرًا أنها كانت محاولة متعمدة لإفشال الاتفاق الإطاري الذي كان من شأنه تقليص نفوذهم داخل القوات المسلحة والخدمة المدنية. واعتبر أن انقلاب 25 أكتوبر 2021 لم يكن سوى “انتقام من الثورة ومن حميدتي”، واصفًا إياه بأنه “حكم بالإعدام على المشروع الديمقراطي”. هذه التصريحات تعكس رؤية سياسية ترى أن الصراع الحالي في السودان ليس مجرد مواجهة عسكرية، بل هو امتداد لصراع أيديولوجي عميق بين قوى التغيير ومراكز النفوذ التقليدية داخل الدولة.
وفي سياق تحليله للبنية الداخلية للقوات المسلحة، خصّ التعايشي بالذكر اللواء ياسر العطا، واصفًا إياه بأنه “الشخصية الأهم في خدمة التحالف الاجتماعي داخل الجيش”. وأوضح أن العطا يدرك تمامًا الدور الذي تلعبه المؤسسة العسكرية في الحفاظ على ما وصفه بـ”الدولة القديمة” التي تعود إلى ما قبل استقلال السودان عام 1956. وذهب التعايشي إلى حد القول إن العطا يرى الصراع الحالي كمعركة وجودية تستدعي الدفاع عن ذلك النظام بأي وسيلة، حتى لو تطلب الأمر استخدام أسلحة محظورة دوليًا أو التحالف مع أطراف غير مرغوب فيها دوليًا.
التعايشي حذّر من أن الإسلاميين، وفقًا لتقديره، يستعدون لمواجهة محتملة مع القوى الدولية، وأنهم سيجرّون البرهان إلى صدام مباشر مع المجتمع الدولي. واتهمهم بتقويض مسارات السلام، سواء تلك التي انطلقت من جدة أو المنامة، بهدف إطالة أمد اقتصاد الحرب، وتسهيل عمليات تهريب الذهب والموارد. هذه الاتهامات تضع الإسلاميين في قلب المشهد السياسي والعسكري، وتربط بينهم وبين استمرار حالة عدم الاستقرار في البلاد، في ظل غياب توافق وطني شامل.
وفي تقييمه لأداء الكتلة الديمقراطية، انتقد التعايشي ما وصفه بـ”إهدار فرصة التحالف مع قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)” خلال المرحلة الانتقالية، معتبرًا أن مثل هذا التحالف كان من شأنه أن يغيّر موازين القوى لصالح المشروع المدني. وأشار إلى أن حميدتي انسحب لاحقًا بعد أن أدرك حجم الفخ السياسي، واتجه نحو دعم الاتفاق الإطاري، وسعى لإعادة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك إلى المشهد. هذه المواقف، بحسب التعايشي، تعكس تعقيدات المشهد السياسي السوداني، وتبرز كيف أن التحالفات المتغيرة قد تؤثر بشكل جذري على مسار الأحداث.
اختتم التعايشي تصريحاته بالتأكيد على أن القوات المسلحة السودانية، في شكلها الحالي، تمثل امتدادًا لمشروع إسلامي طويل الأمد، وأن التشوهات الهيكلية داخلها تعكس فشل السودان في بناء دولة حديثة وفاعلة منذ الاستقلال. هذا التوصيف يسلط الضوء على التحديات العميقة التي تواجه البلاد، ويطرح تساؤلات حول إمكانية إصلاح المؤسسات السيادية في ظل استمرار النزاع، وتداخل المصالح السياسية والعسكرية والدينية في بنية الدولة السودانية.
تنويه : الخبر تم جلبه من المصدر ونشره اليا في اخبار السودان كما هو رابط
المصدر من هنا