
في تطور يثير القلق بشأن الوضع الصحي في جنوب دارفور، أفادت مصادر طبية يوم السبت بظهور أعراض مرضية يُشتبه بأنها ناتجة عن الإصابة بحمى الضنك لدى عدد من سكان مدينة نيالا، عاصمة الولاية. وأوضح أحد الأطباء العاملين في عيادة محلية لـ”دارفور24″ أن العيادة استقبلت خلال الأسبوع الماضي أكثر من أربعين حالة تحمل أعراضًا متطابقة مع تلك المرتبطة بحمى الضنك، ما دفع الطاقم الطبي إلى التعامل معها على هذا الأساس رغم غياب التشخيص المؤكد. وتُعد هذه المؤشرات أولية لكنها مثيرة للانتباه، خاصة في ظل ارتفاع درجة حرارة أجسام المصابين إلى مستويات تصل إلى 45 درجة مئوية، إلى جانب معاناتهم من الحمى والقيء والغثيان، وهي أعراض تتطابق مع الصورة السريرية للمرض.
غياب الفحص
وفي سياق متصل، أشار مصدر طبي آخر إلى أن عدم توفر أجهزة الفحص المخصصة لتشخيص حمى الضنك في مدينة نيالا يُعد عائقًا رئيسيًا أمام تأكيد الحالات. وأوضح أن هذه الأجهزة تُرسل عادة من شمال البلاد، لكنها غير متاحة حاليًا في نيالا، ما يُجبر الطواقم الطبية على الاعتماد على التقييم السريري فقط. وأضاف أن الأجهزة التي تُستورد من دولة جنوب السودان تواجه مشكلات تتعلق بالتلف وسوء التخزين أثناء عملية الترحيل، ما يُقلل من فعاليتها ويُضاعف من صعوبة التعامل مع الحالات المشتبه بها. هذا النقص في المعدات يُعرقل جهود الاستجابة الصحية ويُبقي الوضع في دائرة التخمين الطبي دون حسم.
تجربة شخصية
من جانبه، تحدث المواطن بدرالدين النذير لـ”دارفور24″ عن تجربته الشخصية مع الأعراض، مشيرًا إلى أنه عانى من قيء وغثيان مستمرين، بالإضافة إلى ارتفاع شديد في درجة حرارة جسمه خلال الأيام الأخيرة. وأوضح أنه زار إحدى العيادات مرتين خلال 48 ساعة، لكنه لم يحصل على تشخيص دقيق لحالته، حيث اكتفى الأطباء بوصف مضادات حيوية دون تحديد طبيعة المرض. هذه الحالة تُسلط الضوء على التحديات التي يواجهها المواطنون في الوصول إلى تشخيص موثوق، وتُبرز الحاجة الملحة لتوفير أدوات الفحص المناسبة في المرافق الصحية المحلية.
غياب رسمي
ورغم تصاعد القلق، لم يصدر أي تعليق رسمي من وزارة الصحة الولائية في نيالا بشأن انتشار محتمل للمرض في مناطق أخرى داخل ولاية جنوب دارفور. هذا الصمت الرسمي يُثير تساؤلات حول مدى جاهزية السلطات الصحية للتعامل مع الوضع، خاصة في ظل غياب بيانات دقيقة أو خطط استجابة معلنة. ويُخشى أن يؤدي التأخر في الاعتراف بالحالات إلى تفاقم الوضع وانتشار المرض في نطاق أوسع، ما يتطلب تحركًا عاجلًا من الجهات المعنية لتقييم المخاطر وتوفير الدعم الفني والميداني للمراكز الصحية.
نمط الانتقال
وتُعد حمى الضنك من الأمراض الفيروسية التي تنتقل عبر لدغات البعوض من نوع الزاعجة المصرية والزاعجة البيضاء، وهي سلالات معروفة بقدرتها على نقل الفيروس إلى الإنسان. وقد شهدت عدة ولايات سودانية، بما في ذلك الخرطوم، حالات إصابة مؤكدة بالمرض خلال الأشهر الماضية، ما يُشير إلى نمط انتشار متسارع في ظل الظروف البيئية والصحية الراهنة. ويُشكل هذا النمط تحديًا إضافيًا للمنظومة الصحية في البلاد، التي تُعاني أصلًا من نقص في الموارد وتراجع في القدرة التشغيلية للمرافق الطبية، ما يستدعي تعزيز جهود الوقاية والتشخيص المبكر في المناطق المعرضة للخطر.