
كشفت منظمة “مؤشر الرقابة” (Index on Censorship) عن قائمتها القصيرة لجوائز حرية التعبير لعام 2025، والتي تضم مجموعة من الفنانين والصحفيين والناشطين من دول متعددة، من بينها السودان وفلسطين ونيجيريا وميانمار وفنزويلا. وتُمنح هذه الجوائز سنويًا منذ عام 2001 تكريمًا لأبرز الأصوات التي تواجه الرقابة والاستبداد، وتدافع بشجاعة عن حرية التعبير في بيئات محفوفة بالمخاطر. وتُعدّ هذه الجوائز من أبرز المنصات الدولية التي تحتفي بالمواقف الجريئة في الدفاع عن الحقوق الأساسية، وتسلّط الضوء على الأفراد الذين يواجهون التهديدات والتهميش بسبب أعمالهم الفكرية والفنية.
حضور سوداني
ضمن فئة الفنون، جاء اسم رسام الكاريكاتير السوداني خالد البيه بين المرشحين النهائيين إلى جانب فنانين من الجزائر وميانمار، في اعتراف دولي جديد بمكانته الفنية ودوره في التعبير عن قضايا العدالة الاجتماعية. يُعرف البيه عالميًا برسوماته اللاذعة التي تنتقد القمع والتمييز، وقد تحولت أعماله إلى رموز بصرية في الحركات الشعبية داخل السودان والعالم العربي. هذا الترشيح يعكس التقدير الدولي المتزايد لأعماله التي تتجاوز حدود الفن لتصبح أدوات مقاومة وتوثيق سياسي واجتماعي.
معارض دولية
أعمال خالد البيه الكاريكاتيرية عُرضت في عدد من المعارض الدولية المرموقة، كما نُشرت مقالاته ورسوماته في منصات صحفية عالمية بارزة. من بين أحدث معارضه الفردية: “موسم الهجرة إلى الشمال” الذي أقيم عام 2024 في متحف سانتا جوليا بإيطاليا، ومعرض “ريفيرش 2025” في دار الفنون بالعاصمة النرويجية أوسلو. هذه المشاركات تعكس اتساع نطاق حضوره الفني، وتؤكد مكانته كأحد أبرز الأصوات البصرية في العالم العربي، القادرة على المزج بين التعبير الفني والطرح السياسي.
إنتاج متنوع
لم يقتصر تأثير خالد البيه على فن الكاريكاتير، بل امتد إلى أعمال تركيبية مؤثرة تناولت قضايا النزوح والعدالة الاجتماعية. من أبرز هذه الأعمال: “بحر”، وهو فيديو يستند إلى لقطات حقيقية للاجئين في عرض البحر، و”للجدران آذان” الذي عُرض ضمن فعاليات دوكومنتا 15، و”شاهد” الذي احتضنه متحف قطر عام 2024. كما كان البيه الشخصية المحورية في الفيلم الوثائقي القصير الذي أنتجته صحيفة الغارديان عام 2016 بعنوان “قصة الحقوق المدنية غير مكتملة”، وشارك في تحرير كتاب “السودان يُروى من جديد”، وهو عمل جماعي ضم مساهمات 31 فنانًا سودانيًا يوثقون فيه التاريخ الثقافي للبلاد.
منصات متعددة
في عام 2024، وسّع خالد البيه نطاق حضوره الإعلامي من خلال برنامج “الحصيل شنو؟” على منصة AJ+، كما يواصل عمله كرئيس تحرير لمجلة KhartoonMag، وهي منصة مخصصة لرسامي الكاريكاتير السودانيين في الشتات. إلى جانب ذلك، ابتكر مشروع “جمعة أزياء الدوحة”، الذي نال جوائز دولية ويهدف إلى تسليط الضوء على الأصوات المهمشة من خلال الفن والأزياء. هذه المبادرات تعكس التزامه المستمر بتوسيع فضاءات التعبير، وتقديم محتوى فني يتفاعل مع قضايا الهوية والعدالة والتمثيل.
رسالة شخصية
في تعليقه على ترشيحه لجائزة “مؤشر الرقابة”، عبّر خالد البيه عن مشاعره قائلاً: “بعد سنوات من التهديدات والتهميش والإرهاق، فإن ترشيحي لجائزة إندكس يعني لي الكثير، وسيعني أكثر لكل من لا يزال يرسم أو يكتب أو يتحدث من وطنه، من المنفى، من الصمت. إنه تذكير بأننا لسنا مخفيين، وأن هناك من يُنصت إلينا دائمًا”. هذه الكلمات تعكس عمق تجربته الشخصية، وتُبرز البعد الإنساني في مسيرته الفنية، التي لم تكن مجرد إنتاج بصري، بل مقاومة مستمرة ضد التهميش والرقابة.
موعد الإعلان
تُعدّ جوائز “مؤشر الرقابة” من أبرز الجوائز العالمية التي تُكرم المدافعين عن حرية التعبير، وقد سبق أن فاز بها شخصيات بارزة مثل ملالا يوسفزاي وزهرة دوغان ومنصة ويكيليكس. وسيُعلن عن الفائزين في الدورة الحالية يوم 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2025، خلال حفل رسمي يُقام في العاصمة البريطانية لندن، بحضور نخبة من الإعلاميين والفنانين وصنّاع القرار في مجال حقوق الإنسان. هذا الحدث يُعد محطة مهمة لتسليط الضوء على الأصوات التي تواصل الدفاع عن حرية التعبير في وجه القمع، ويمنح مساحة للاعتراف الدولي بجهودهم في مواجهة التحديات.