
في تصعيد عسكري جديد، كثّفت قوات الدعم السريع من استخدام الطائرات المسيّرة القتالية، مستهدفة مواقع عسكرية داخل مناطق خاضعة لسيطرة الجيش السوداني، شملت الولاية الشمالية وولاية الخرطوم وجنوب كردفان. الهجمات التي نُفذت بواسطة مسيّرات انتحارية جاءت بشكل متزامن، وأسفرت عن مقتل أكثر من سبعة أشخاص وإصابة عدد آخر بجروح متفاوتة في كل من منطقة عد بابكر شرق الخرطوم، ومدينة الدبة في الولاية الشمالية، وكادوقلي بجنوب كردفان. في مدينة الدبة، استهدفت إحدى المسيّرات مقر كلية الهندسة، الذي تستخدمه القوة المشتركة كموقع تمركز، وأسفر الهجوم الذي وقع في وقت مبكر من صباح الثلاثاء عن مقتل خمسة أشخاص على الأقل، وإصابة عدد من المدنيين، بينما استهدفت مسيّرات أخرى مواقع إضافية داخل المدينة.
لجنة أمن الولايات وصفت الهجوم على مدينة الدبة بأنه “استهداف إرهابي”، مشيرة في بيان نشرته عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك إلى أن المسيّرة قتلت خمسة أشخاص وأصابت آخرين داخل كلية الهندسة. رئيس اللجنة الأمنية لمحلية الدبة، محمد صابر كشكش، اعتبر الهجوم جريمة ضد الأعيان المدنية، مؤكداً أن هذه العمليات لن تثني السلطات المحلية عن دعم القوات المسلحة، بل ستزيد من عزيمتها في مواجهة ما وصفه بـ”الميليشيات التي تروع المدنيين”. التصريحات الرسمية جاءت في سياق رد فعل غاضب على تصاعد الهجمات الجوية التي باتت تستهدف مواقع مدنية وعسكرية على حد سواء.
في صباح اليوم ذاته، استهدفت مسيّرات انتحارية منطقة عد بابكر الواقعة شرق النيل بولاية الخرطوم، وهي منطقة تتمركز فيها وحدات من قوات درع السودان. إحدى المسيّرات أصابت طبيباً، ما أدى إلى مقتله مع نجله، إضافة إلى إصابة عدد من أفراد أسرته. شهود عيان أفادوا بأن مسيّرة أخرى استهدفت منزل القيادي في قوات درع السودان، الرشيد عثمان، دون ورود معلومات مؤكدة حول الأضرار أو ما إذا كان القيادي موجوداً في المنزل أثناء الهجوم. هذه الهجمات أثارت حالة من الذعر بين السكان، ودفعت البعض إلى التعبير عن مخاوفهم من موجة نزوح جديدة، خاصة في ظل تكرار الهجمات الجوية على المناطق السكنية.
على منصات التواصل الاجتماعي، تداول مؤيدو قوات الدعم السريع أن الهجمات التي استهدفت منطقة عد بابكر كانت تهدف إلى اغتيال قائد قوات درع السودان، أبو عاقلة كيكل، الذي نجا من الهجوم بحسب رواياتهم. فضائية “الشرق” نقلت عن مصدر في قوات الدعم السريع أن المسيّرة كانت تستهدف موقعاً يُعتقد بوجود كيكل فيه، لكنه نجا من الاستهداف. كيكل كان قد انشق عن قوات الدعم السريع في أكتوبر 2024، وانضم بقواته إلى الجيش السوداني، وشارك في معارك استرداد ولايات الجزيرة والخرطوم وسنار، ويواصل حالياً القتال ضد الدعم السريع في مناطق كردفان، ما يجعله هدفاً بارزاً في العمليات العسكرية الجارية.
في تطور غير مسبوق، شهدت مدينة أبو جبيهة بولاية جنوب كردفان أول هجوم جوي منذ اندلاع الحرب، حيث استهدفت مسيّرات الدعم السريع مقراً للقوة المشتركة داخل جامعة شرق كردفان على مدار يومين متتاليين، الإثنين والثلاثاء. بحسب شهود عيان، أسفرت هذه الهجمات عن مقتل شخصين على الأقل، ما يعكس تحولاً نوعياً في تكتيكات الدعم السريع، وتوسعاً في نطاق العمليات الجوية التي باتت تشمل مناطق لم تكن مستهدفة سابقاً. هذا التصعيد يثير تساؤلات حول قدرة القوات الحكومية على تأمين مواقعها في ظل التوسع الجغرافي للهجمات الجوية.
قبل هذه الهجمات، شهدت مدينة عطبرة بولاية نهر النيل حادثاً دموياً داخل المستشفى التعليمي، حيث قُتل أربعة مواطنين برصاص مسلحين مساء الثاني عشر من أكتوبر. الروايات حول الحادثة تضاربت، إذ اتهمت تنسيقية لجان المقاومة القوات المشتركة بالمسؤولية عن إطلاق النار، معتبرة أن المرافق الصحية باتت مستباحة، ودعت إلى إخلاء المدن من السلاح والمسلحين. من جانبها، نفت القوات المشتركة تورط أفرادها في الحادث، لكنها لم تنفِ وجودها في المدينة، التي تضم قوات من الجيش، وحركات الكفاح المسلح مثل العدل والمساواة وتحرير السودان، إلى جانب قوات أمنية أخرى، ما يعكس تعقيد المشهد الأمني وتعدد الجهات المسلحة.
حتى الآن، لم تصدر أي بيانات رسمية من طرفي النزاع بشأن الهجمات الأخيرة بالطائرات المسيّرة، فيما تتباين الروايات بين أنصار الجيش والدعم السريع. أنصار الجيش يؤكدون أن الهجمات استهدفت مدنيين ومرافق مدنية، بينما يصر أنصار الدعم السريع على أن العمليات كانت دقيقة واستهدفت مواقع عسكرية. الطرفان يستخدمان الطائرات المسيّرة في العمليات القتالية، حيث اعتمد الجيش في بداية الحرب على مسيّرات صينية انتحارية، بينما استخدمت قوات الدعم السريع طائرات تجارية معدلة لأغراض قتالية.
في تحول لافت في حرب المسيّرات، حصل الطرفان مؤخراً على طائرات مسيّرة أكثر تطوراً. الجيش السوداني حصل على طائرات “بيرقدار” التركية الصنع، واستخدمها في عمليات ضد قوات الدعم السريع، بينما حصلت الأخيرة على طائرات من طراز CH-95 الصينية، وهي طائرات متقدمة تقنياً. هذا التطور يعكس تصعيداً في مستوى التسليح والتكتيك، ويشير إلى أن الحرب باتت تدخل مرحلة جديدة من التعقيد، حيث تلعب التكنولوجيا دوراً محورياً في تحديد مسار العمليات العسكرية.
تنويه : الخبر تم جلبه من المصدر ونشره اليا في اخبار السودان كما هو رابط
المصدر من هنا