
في تصعيد جديد ضمن سلسلة الانتهاكات التي تطال المدنيين في مناطق النزاع، أفادت شبكة أطباء السودان، وهي هيئة مهنية مستقلة، بأن مدينة الدلنج الواقعة في ولاية جنوب كردفان تعرضت لقصف مدفعي ممنهج نفذته الحركة الشعبية لتحرير السودان–شمال، المتحالفة مع قوات الدعم السريع. وبحسب بيان الشبكة، فإن القصف أسفر عن إصابة 11 شخصًا، بينهم ثلاثة في حالة حرجة، جرى نقلهم إلى مستشفيات المدينة لتلقي العلاج. ويأتي هذا الهجوم في سياق تصاعد العمليات العسكرية التي تستهدف مناطق مأهولة بالسكان، ما يثير مخاوف متزايدة بشأن سلامة المدنيين في ظل غياب أي ضمانات أمنية أو حماية قانونية.
تخوض الحركة الشعبية لتحرير السودان–شمال، بقيادة عبد العزيز الحلو، مواجهات عسكرية إلى جانب قوات الدعم السريع ضد الجيش السوداني منذ منتصف أبريل 2023، في إطار تحالف سياسي–عسكري أوسع تحت مظلة ما يُعرف بتحالف السودان التأسيسي “تأسيس”. وقد أعلن هذا التحالف تشكيل حكومة وحدة وسلام تتخذ من مدينة نيالا عاصمة لها، فيما يشغل الحلو منصب نائب رئيس التحالف إلى جانب قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي”. ويعكس هذا التحالف إعادة تشكيل المشهد السياسي والعسكري في السودان، وسط انقسامات حادة وتعدد مراكز القوى، ما يزيد من تعقيد الأزمة ويطيل أمد النزاع.
أدانت شبكة أطباء السودان القصف المدفعي الذي طال مدينة الدلنج بأشد العبارات، واصفة إياه بأنه “قصف متعمد” يستهدف المدنيين بشكل مباشر. وأكدت الشبكة أن هذا الاعتداء ليس حادثًا معزولًا، بل يأتي امتدادًا لسلسلة من الانتهاكات الممنهجة التي تطال المدن والقرى، وتكشف عن استهتار كامل بحياة الأبرياء. كما اعتبرت أن الهجوم يمثل خرقًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، الذي يحظر استهداف المدنيين والمرافق الحيوية، ويُلزم الأطراف المتحاربة باحترام قواعد النزاع المسلح. وتأتي هذه الإدانة في وقت تتزايد فيه المطالبات المحلية والدولية بوقف الاعتداءات على المناطق الآهلة بالسكان.
أعلنت شبكة أطباء السودان تضامنها الكامل مع الكوادر الطبية العاملة في مدينة الدلنج، مشيدة بجهودهم الاستثنائية في إنقاذ الجرحى رغم شح الإمكانيات، والحصار المفروض، وصعوبة الأوضاع الأمنية. وأشارت إلى أن الطواقم الطبية تعمل في ظروف بالغة التعقيد، وسط نقص حاد في المعدات والأدوية، ما يهدد قدرة المستشفيات المحلية على الاستجابة للحالات الحرجة. ودعت الشبكة المنظمات الإنسانية والطبية الدولية إلى تقديم دعم عاجل للمرافق الصحية في المدينة، لضمان استمرار تقديم الخدمات الطبية المنقذة للحياة، في ظل تصاعد وتيرة العمليات العسكرية وتزايد أعداد المصابين.
حمّلت شبكة أطباء السودان الحركة الشعبية المتحالفة مع قوات الدعم السريع المسؤولية الكاملة عن القصف الذي استهدف مدينة الدلنج، وطالبت المجتمع الدولي والأمم المتحدة باتخاذ موقف واضح وحازم لحماية المدنيين ووقف الاعتداءات المتكررة على المدن الآمنة. وأكدت أن استمرار هذه الهجمات دون رد فعل دولي حازم يشجع على مزيد من الانتهاكات، ويقوّض فرص التوصل إلى تسوية سياسية عادلة. ولم تصدر حتى الآن أي تعليقات رسمية من جانب قوات الدعم السريع أو الحركة الشعبية بشأن الاتهامات الواردة في بيان شبكة أطباء السودان، ما يترك الباب مفتوحًا أمام مزيد من التساؤلات حول الموقف الرسمي من هذه العمليات.
مع استمرار الحرب التي اندلعت في 15 أبريل بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، دخلت ولايات كردفان الثلاث—شمال، جنوب، وغرب—في قلب المواجهات العسكرية، وتحولت مدنها وقراها إلى ساحات مفتوحة للعمليات القتالية. هذا التصعيد المستمر جعل حياة المدنيين أكثر هشاشة، حيث بات النزوح الجماعي، وانعدام الأمن الغذائي، وانقطاع الخدمات الأساسية، جزءًا من الواقع اليومي في الإقليم. وتُظهر هذه التطورات أن الأزمة السودانية تتجه نحو مزيد من التعقيد، في ظل غياب أي مؤشرات على وقف إطلاق النار أو بدء مفاوضات جادة لإنهاء النزاع.
تنويه : الخبر تم جلبه من المصدر ونشره اليا في اخبار السودان كما هو رابط
المصدر من هنا