
في تطور يثير القلق داخل الأوساط الطبية والإنسانية، أطلق تجمع نقابة أطباء السودان تحذيرًا عاجلًا بشأن تصاعد حالات الإصابة بمرض الدفتيريا في منطقة الجريف شرق العاصمة الخرطوم، حيث تم تسجيل خمس عشرة حالة مؤكدة خلال أسبوع واحد، بينها ثلاث وفيات لأطفال. وأكدت اللجنة التحضيرية للنقابة أن هذا التفشي يعكس التدهور الحاد في المنظومة الصحية السودانية، التي باتت عاجزة عن احتواء الأمراض المعدية نتيجة لانهيار البنية التحتية الطبية وتراجع الخدمات الوقائية. ويأتي هذا التحذير في وقت تتزايد فيه المخاوف من انتشار المرض على نطاق أوسع، وسط ضعف الاستجابة الرسمية ونقص الإمكانات الطبية.
أوضحت الدكتورة أديبة إبراهيم السيد، المتخصصة في الطب الباطني وعلم الأوبئة، أن الحالات المكتشفة ظهرت في بيئة تعاني من تدهور كبير في مستوى النظافة العامة، إلى جانب الاكتظاظ السكاني داخل المناطق المتضررة. وأشارت إلى أن مرض الدفتيريا ينتقل عبر الرذاذ الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة أدوات ملوثة مثل المناشف والأواني، ما يجعل الوقاية منه تحديًا كبيرًا في ظل الظروف الحالية. ودعت الأسر إلى الالتزام ببرامج التطعيم الروتينية للأطفال، مؤكدة أن الوقاية تبدأ بالنظافة الشخصية والتطعيم، وأن أي ظهور للأعراض يجب أن يقابله تدخل طبي فوري لتفادي المضاعفات القاتلة.
تتجلى أعراض الدفتيريا في التهاب حاد بالحلق، وارتفاع في درجة الحرارة، وظهور غشاء رمادي أو أبيض على اللوزتين، ما يؤدي غالبًا إلى صعوبة في التنفس وتورم في الرقبة. وفي حال عدم تلقي العلاج في الوقت المناسب، يمكن أن تنتقل العدوى إلى مجرى الدم، مسببة غيبوبة أو وفاة. ويؤكد الأطباء أن هذه الأعراض تستدعي استجابة طبية عاجلة، خاصة في ظل محدودية الوصول إلى الخدمات الصحية في مناطق النزاع والنزوح. ويُعد المرض من الأمراض التي يمكن الوقاية منها عبر اللقاحات، إلا أن انهيار النظام الصحي في السودان جعل من هذه الوقاية أمرًا بعيد المنال لكثير من الأسر.
يحذر خبراء الصحة من أن تضافر عوامل الحرب والنزوح وانهيار البنية التحتية الطبية في السودان قد خلق بيئة مثالية لعودة وانتشار أمراض قابلة للوقاية مثل الدفتيريا. ويشيرون إلى أن غياب الرقابة الصحية، ونقص الإمدادات الطبية، وتوقف برامج التحصين، كلها عوامل ساهمت في تفاقم الوضع. وتُعد هذه الأزمة الصحية امتدادًا للأزمة الإنسانية الأوسع التي تعصف بالبلاد منذ اندلاع الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع، ما أدى إلى نزوح الملايين وتدمير واسع للمرافق الصحية، في وقت تتضاءل فيه فرص التدخل الدولي الفاعل.
في مواجهة هذا التصاعد الخطير، أطلقت وزارة الصحة السودانية نداءً عاجلًا إلى المجتمع الدولي والمنظمات الصحية للتدخل الفوري قبل أن يتسع نطاق التفشي. ودعت الوزارة إلى تعزيز حملات التوعية المجتمعية، والإبلاغ الفوري عن الحالات المشتبه بها، وتوفير الدعم اللوجستي والطبي للمناطق المتضررة. ويؤكد المسؤولون أن السيطرة على المرض تتطلب استجابة منسقة تشمل التطعيم، والرصد الوبائي، وتحسين شروط النظافة العامة، في وقت تتعرض فيه المنظومة الصحية لضغوط غير مسبوقة. ويُعد تفشي الدفتيريا في الخرطوم مؤشرًا صارخًا على هشاشة الوضع الصحي في السودان، وضرورة التحرك العاجل لتفادي كارثة إنسانية أوسع نطاقًا.
تنويه : الخبر تم جلبه من المصدر ونشره اليا في اخبار السودان كما هو رابط
المصدر من هنا