
في بيان شديد اللهجة، أعرب المرصد السوداني لحقوق الإنسان عن إدانته القاطعة للحكم الصادر عن محكمة جنايات سنجة في الخامس من أكتوبر 2025، والذي قضى بإعدام المحامي أبوبكر منصور . واعتبر المرصد أن هذا الحكم يمثل انتهاكًا صارخًا لمبادئ العدالة، واصفًا إياه بأنه “إجهاض تام لضمانات المحاكمة العادلة وتحدٍ سافر لسيادة القانون”، في إشارة إلى ما اعتبره تجاوزًا للمعايير القانونية الدولية والمحلية في إجراءات التقاضي.
المرصد أوضح في بيانه الصادر بتاريخ العاشر من أكتوبر أن الحكم جاء متجاهلًا قرارًا سابقًا صادرًا عن محكمة الاستئناف، كانت قد أمرت بإعادة الملف القضائي بغرض سماع بينات إضافية. وأشار إلى أن القاضي الذي أصدر الحكم تجاهل هذا القرار، وأصدر حكم الإعدام في جلسة لم يتم فيها إخطار هيئة الدفاع، ما اعتبره المرصد انتهاكًا جوهريًا لحق الدفاع، وخرقًا للإجراءات القضائية السليمة التي تكفلها القوانين الوطنية والمعايير الدولية.
وفي سياق متصل، أدان المرصد بشدة قيام الأجهزة الأمنية باعتقال المحامي أبوبكر الماحي، أحد أعضاء هيئة الدفاع عن المحكوم عليه، قبل أيام قليلة من صدور الحكم. واعتبر أن هذا الإجراء حال دون تمكينه من أداء مهامه القانونية، وهو ما يشكل، بحسب البيان، انتهاكًا واضحًا لحق الدفاع، ويُعد سابقة خطيرة في استهداف المحامين أثناء تأديتهم لواجباتهم المهنية.
المرصد وصف اعتقال المحامي الماحي بأنه اعتداء مباشر على مهنة المحاماة، وخرق صريح لما تنص عليه “مبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن دور المحامين”، والتي تضمن للمحامين حرية ممارسة مهنتهم دون تدخل أو ترهيب. وأكد أن هذا التصرف يمثل تقويضًا ممنهجًا للحق الأصيل في الدفاع، ويبعث برسالة مقلقة حول تراجع الضمانات القانونية في البلاد، خاصة في القضايا ذات الطابع السياسي أو المرتبطة بالنشاط المدني.
وفي تحذير واضح من تداعيات هذه القضية، أشار المرصد إلى أن ما جرى يعكس نمطًا متصاعدًا من استخدام السلطة القضائية كأداة لتصفية الحسابات السياسية، وقمع الخصوم، عبر تدخل مباشر من الأجهزة الأمنية في سير العدالة. واعتبر أن هذا التداخل يهدد استقلالية القضاء، ويشكل انتهاكًا صارخًا للالتزامات الدولية التي تعهد بها السودان، لا سيما تلك الواردة في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذي يكفل الحق في محاكمة عادلة ومستقلة.
من جانبها، عبّرت أسرة المحامي المحكوم عليه، أبوبكر منصور، عن صدمتها العميقة إزاء الحكم، مشيرة إلى أن منصور كان يشغل موقعًا قياديًا في منظمة “نداء سنجة”، وهي جهة معروفة بتقديم خدمات إنسانية في المنطقة. وأكد أحد أفراد الأسرة أن منصور ظل ملتزمًا بالبقاء في سنجة خلال فترة سيطرة قوات الدعم السريع، رغم التهديدات، وذلك بسبب ظروف والديه الصحية، ما يعكس، بحسبهم، التزامه الأخلاقي والمهني تجاه مجتمعه المحلي.
في ختام بيانه، دعا المرصد السوداني لحقوق الإنسان سلطات الأمر الواقع إلى إلغاء حكم الإعدام الصادر بحق المحامي أبوبكر منصور فورًا، وضمان إعادة محاكمته أمام هيئة قضائية مستقلة ومحايدة تلتزم بالمعايير الدولية للمحاكمة العادلة. كما طالب بالإفراج الفوري وغير المشروط عن المحامي أبوبكر الماحي، وتمكينه من ممارسة مهنته دون مضايقات أو تهديدات، باعتباره يؤدي دورًا أساسيًا في منظومة العدالة.
المرصد شدد على ضرورة فتح تحقيق عاجل وشفاف في ملابسات اعتقال المحامي الماحي، والانتهاكات التي شابت إجراءات المحاكمة، مطالبًا بوقف فوري لاستخدام القضاء كأداة للانتقام السياسي، وإنهاء كافة أشكال التدخل الأمني في عمل السلطة القضائية. كما حمّل المرصد السلطات الأمنية والقضائية في سنجة المسؤولية الكاملة عن سلامة المحاميين الجسدية والنفسية، داعيًا في الوقت ذاته المنظمات الحقوقية الإقليمية والدولية إلى متابعة القضية عن كثب، وممارسة الضغط اللازم لوقف ما وصفه بسلسلة الانتهاكات المتكررة لحقوق الإنسان في السودان.
تنويه : الخبر تم جلبه من المصدر ونشره اليا في اخبار السودان كما هو رابط
المصدر من هنا