
في تصريح مباشر عبر صفحته الرسمية على موقع فيسبوك، نفى القيادي في حزب المؤتمر السوداني، شريف محمد عثمان، صحة ما تم تداوله بشأن عقد اجتماع تفاكري بين حزبه وحزب المؤتمر الوطني المحلول. وأكد عثمان أن ما ورد حول هذا اللقاء لا يستند إلى أي أساس واقعي، مشدداً على أن حزبه ملتزم بمواقف معلنة تقوم على الشفافية والوضوح، وأنه لا يشارك في أي تفاهمات سياسية مع جهات لا تتوافق مع رؤيته للحل السياسي في السودان. وأضاف أن المؤتمر السوداني يواصل العمل مع القوى المنحازة للسلام، بهدف التصدي للأزمة الإنسانية الراهنة، والدفع نحو وقف الحرب والتوصل إلى عقد اجتماعي يضمن سلاماً مستداماً.
الجدل حول الاجتماع المزعوم بدأ بعد أن نشرت الإعلامية نسرين النمر، المدير العام لقناة العنوان24، منشوراً على صفحتها الرسمية في فيسبوك تحدثت فيه عن لقاء أولي جمع قيادات من المؤتمر السوداني ونظرائهم في المؤتمر الوطني. ووصفت النمر اللقاء بأنه تفاكري، تناول مقاربات سياسية تتعلق بإدارة المرحلة الانتقالية في السودان، مشيرة إلى أن الاجتماع انتهى بتقارب في الرؤى بين الطرفين، مع نية لعقد لقاء موسع في وقت لاحق. غير أن منشورها لم يتضمن أي تأكيد رسمي من الحزبين، ما فتح الباب أمام تكهنات واسعة حول طبيعة هذا اللقاء ومصداقيته.
بحسب ما ورد في منشور النمر، فإن اللقاء جاء نتيجة تصورات متضخمة لدى بعض الأطراف السياسية، تفيد بأن الحركة الإسلامية وتيار المؤتمر الوطني المعروف شعبياً بـ”الكيزان” يهيمنون على القرار السياسي في مدينة بورتسودان، وأن أي مسار سياسي مستقبلي لا يمكن أن يتم إلا عبر بوابة الإسلاميين. ونقلت النمر هذه الرؤية عن أحد المشاركين في الاجتماع، معتبرة أن هذا التصور كان أحد دوافع اللقاء، رغم التباينات التاريخية بين الحزبين. هذا الطرح يعكس حالة من القلق السياسي المتصاعد بشأن تأثير الإسلاميين على ترتيبات المرحلة الانتقالية.
في سياق حديثها، عبّرت النمر عن استغرابها من أن ما يُعرض في وسائل الإعلام وعلى لسان بعض النشطاء السياسيين يعكس بدقة ما يدور داخل اجتماعات الأحزاب، معتبرة أن هذا الأمر يثير القلق بشأن مستوى التفكير السياسي لدى بعض القيادات. وتساءلت عن مدى وجود مكاتب سياسية فاعلة أو مراكز بحثية لدى تلك الأحزاب، يمكنها جمع وتحليل المعلومات بشكل منهجي يساعد على اتخاذ قرارات استراتيجية. واعتبرت أن غياب هذه الأدوات يضعف من قدرة الأحزاب على التعامل مع الواقع السياسي المعقد، ويجعلها عرضة للتأثر بالمزاج العام دون رؤية مؤسسية واضحة.
النمر نقلت عن أحد الحاضرين في الاجتماع قوله إن بعض قيادات المؤتمر السوداني يساهمون، دون قصد، في إعادة تمكين الإسلاميين عبر مواقفهم السياسية، رغم اعتقادهم بأنهم في موقع السيطرة. وأشارت إلى أن بعض المشاركين كانوا يضحكون خلال النقاش، في إشارة إلى ما وصفته باستغلال ذكي من قبل الإسلاميين للتباينات داخل القوى المدنية. هذا التوصيف يعكس خللاً في تقدير المواقف لدى بعض الأطراف، ويُبرز التحديات التي تواجه القوى المدنية في الحفاظ على تماسكها وسط محاولات الإسلاميين لإعادة التموضع السياسي.
في ما يتعلق بموقف القيادة العسكرية، ذكرت النمر نقلاً عن مصدر حضر الاجتماع أن رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان لم يلتقِ بالقيادي الإسلامي علي كرتي منذ اندلاع الحرب، رغم وجود وسطاء مؤثرين. واعتبرت أن هذا الموقف لا ينتقص من مكانة كرتي، لكنه يعكس بوضوح توجه البرهان الحالي تجاه فكرة التقارب مع الإسلاميين، سواء كان ذلك عن قناعة شخصية أو نتيجة لضغوط سياسية داخلية. هذا الموقف يضيف بعداً جديداً إلى فهم العلاقة بين المؤسسة العسكرية والتيارات الإسلامية في ظل الأزمة الراهنة.
أشارت النمر إلى أن محمد الفكي سليمان، القيادي في حزب المؤتمر السوداني، يتمتع بقدر من الاتساق الذاتي، ويصعب عليه الكذب في العلن، مؤكدة أن حزبه أرسل بالفعل مبعوثاً إلى مدينة بورتسودان بهدف التفاهم السياسي. ووصفت هذه الخطوة بأنها تحرك واضح لا يمكن إنكاره. كما كشفت أن حزب الأمة أيضاً أرسل موفدة إلى المدينة ذاتها، مشيرة إلى أن الزيارة لم تكن اجتماعية، بل جاءت في إطار تفاهمات أو مفاوضات سياسية. هذه التحركات تعكس انخراطاً متزايداً من الأحزاب السودانية في محاولات إعادة تشكيل المشهد السياسي، رغم التحديات الأمنية والضغوط الشعبية.
في ختام منشورها، دعت النمر الأحزاب السودانية إلى التحلي بالوضوح والشجاعة في مواجهة جماهيرها، والتوقف عن ما وصفته بـ”الطمسة”، مشددة على ضرورة التعامل مع الواقع السياسي بمسؤولية وجرأة. وأكدت أن بناء السودان لا يمكن أن يتم إلا عبر المؤسسات والرؤى والأفكار، وأن وجود الأحزاب السياسية في الساحة العامة ليس خياراً بل ضرورة وطنية. ودعت إلى أن تدخل هذه الأحزاب الملعب السياسي علناً، ليقرر الشعب السوداني ما يقبله منها وما يرفضه، باعتبار ذلك حقاً أصيلاً لا يمكن مصادرته أو تجاهله في أي مرحلة انتقالية.
تنويه : الخبر تم جلبه من المصدر ونشره اليا في اخبار السودان كما هو رابط
المصدر من هنا