24/8/2025–|آخر تحديث: 15:24 (توقيت مكة)
في عالم الرياضة، تُكتب أعظم القصص عادة من رحم المعاناة، بينها قصة يوسين بولت، أسطورة العدو الجمايكي وأسرع رجل في التاريخ، ليست مجرد حكاية عن أرقام قياسية وألقاب أولمبية، بل هي رواية إنسانية ملهمة عن التحدي والانتصار على قيود الجسد.
البداية مع المرض
ولد بولت وهو يعاني من الجنف -انحناء غير طبيعي في العمود الفقري- جعله يعيش مع آلام مزمنة في الظهر منذ مراهقته.
وكانت حالته تجعل إحدى ساقيه تبدو أقصر من الأخرى، وهو ما أثّر على توازنه وخطوته وأدخله في دوامة الإصابات العضلية المتكررة.
بالنسبة لعدّاء يعتمد على التناغم الجسدي والتماثل في الحركة، كان هذا أشبه بحكم مبكر بالنهاية.

ومع دخوله عالم الاحتراف، تحولت آلام الظهر إلى عائق يومي، وكان يفقد بعض البطولات بسبب الإصابات، ويخوض تدريباته وهو يعرف أن جسده لا يتجاوب مثل الآخرين.
لكن بولت لم يستسلم وقرر أن يجعل من الجنف نقطة انطلاق لا نقطة انهيار، فاختار نهجا مختلفا، يقوم على الذكاء والعلاج المستمر بدلا من القوة الغاشمة.
خطة التحول
استعان بولت بفريق طبي متخصص صمم له برنامجا استثنائيا للتعامل مع حالته، شمل:
- تقوية العضلات الأساسية لدعم العمود الفقري.
- تدريبات مرونة وتوازن لتعويض الاختلال.
- علاج طبيعي مستمر لتخفيف الضغط وإعادة المحاذاة.
- تقويم عمود فقري وجلسات تعافٍ خاصة.
ومع الوقت، لم يعد الألم هو المسيطر بل أصبح محفزا يدفعه للانضباط والتطوير.
إنجازات أسطورية
من شاب مهدد بالإصابات والإحباط، تحول بولت إلى أسطورة عالمية خالدة. صعد من معاناة الظهر المزمنة إلى منصات التتويج، ليحصد 8 ميداليات ذهبية أولمبية ويصبح أول عدّاء في التاريخ يحقق ثلاثية ذهبية متتالية في ثلاث دورات أولمبية (بكين 2008، لندن 2012، ريو 2016).
إلى جانب ذلك، حطم الأرقام القياسية العالمية في سباقات 100 متر (9.58 ثانية) و200 متر (19.19 ثانية) و4×100 متر، وهي أرقام صمدت أمام أجيال كاملة من العدّائين ولم يقترب منها أحد حتى اليوم.
وبعد اعتزاله، واصل بولت رسالته في الإلهام عبر نشر الوعي بأهمية الرعاية الجسدية والوقاية من الإصابات، والاستماع إلى رسائل الجسد، وأثبت أن العوائق الجسدية ليست نهاية الطريق، بل قد تكون نقطة الانطلاق نحو أعظم الإنجازات.