13/8/2025–|آخر تحديث: 21:43 (توقيت مكة)
داخل مشغل في مقاطعة هونان وسط الصين، تستخدم إحدى المعلّمات فرشاة حبر بلطف لتخطّ بها حروف كتابة سرية اخترعتها نساء قبل قرون.
نشأت الـ”نوشو” التي تعني حرفيا “كتابة النساء”، قبل نحو 400 عام، في وقت كانت فيه النساء محرومات من التعليم، وبالتالي من الكتابة. وبفضل الـ”نوشو”، تمكنت النساء من التواصل مع بعضهنّ البعض من خلال الرسائل والأغاني وحتى التطريز.
توارثت نساء مقاطعة جيانغيونغ الـ”نوشو” جيلا بعد آخر، وتعاود هذه الكتابة اكتساب شعبية حاليا في مختلف أنحاء الصين، باعتبارها رمزا للقوة الأنثوية.
وتوضح بان شينغ ون، وهي طالبة تبلغ 21 عاما، أن الـ”نوشو” تتيح للنساء التواصل بأمان. وتقول إنها “توفر لنا نوعا من الملاذ الآمن. ويمكننا التعبير عن أفكارنا، وتبادل الأحاديث كأخوات، والتحدث عن أي شيء”.
وبالمقارنة مع الحروف الصينية، تُعدّ كلمات الـ”نوشو” صوتية، ومربعة بشكل أقل، وأرفع، وتشبه أوراق الشجر.
وتقول الشابة “عندما نكتب… ينبغي أن نتنفّس بهدوء، وتكون الفرشاة ثابتة فقط”.
وعبر تطبيق “شياوهونغشو” الصيني المشابه لإنستغرام، حققت المنشورات التي تحمل وسم “نوشو” 72 مليون مشاهدة، ومعظمها لشابات شاركن صورا لإبداعات تتضمن هذا النوع من الكتابة.
وتشير هي جينغيينغ، وهي طالبة أيضا، إلى أنّ والدتها هي مَن سجلتها في صف الـ”نوشو”. وتمنحها هذه الممارسة “شعورا عميقا بالسكينة”. وتقول “عندما تلمس الفرشاة الورقة، تشعر بنوع من القوة في داخلك”.

صرخة ضد الظلم
الـ”نوشو” أكثر من مجرد نظام كتابة، إنها تعكس تجربة النساء في مقاطعة جيانغيونغ الريفية، وفق ما توضح الأستاذة تشاو ليمينغ في جامعة تسينغهوا في بكين.
تقول ليمينغ التي درست الـ”نوشو” لـ40 عاما “كان مجتمعا يهيمن عليه الرجال. وشكّلت أعمال هؤلاء النساء صرخة ضد الظلم” حسب قولها.
تُقرأ كلمات الـ”نوشو” باللهجة المحلية، ما يجعل تعلّمها صعبا على سكان المناطق الأخرى. لكنّ أناقة الـ”نوشو” وندرتها تُفسران الاهتمام المتجدد بهذه الكتابة، وفق الأستاذة هي يويجوان.
تقول يويجوان أمام معرضها حيث تبيع مجوهرات ملونة وشالات مزينة بنقوش الـ”نوشو”، “يبدو أنها تحظى بشعبية كبيرة، وتحديدا بين طلاب الفنون”.
وتوضح الأستاذة المتحدرة من جيانغيونغ أن الـ”نوشو” كانت “جزءا من الحياة اليومية” لطفولتها.
ويويجوان إحدى “ورثة” الـ”نوشو” الـ12 المعترف بهنّ من الحكومة، وتتمتع حاليا بالحق في تدريسها.

“فريدة”
على بُعد ساعة بالسيارة تقريبا، اجتمع نحو 100 طالب في غرفة فندق لحضور ورشة عمل تمتد لأسبوع نظمتها السلطات المحلية للترويج للنوشو.
تقول زو كيكسين، إحدى الشابات الحاضرات، إنها تعرفت إلى الـ”نوشو” عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي وأرادت “تجربتها بنفسها”.
وتضيف الطالبة التي تدرس في جامعة سيتشوان “إنه نظام كتابة فريد للنساء، مما يجعله مميزا جدا”.
وكان تاو يوشي، وهو طالب متخصص في الرسوم التحريكية يبلغ 23 عاما، من بين الرجال القلائل المشاركين في ورشة العمل.
وأراد أن يتعلم الـ”نوشو” ليجد الإلهام في إبداعاتها.
رغم أنّ الـ”نوشو” من ابتكار نساء، يُعتقد أنها جزء من التراث الثقافي الوطني، وفق يوشي. ويقول “على الجميع العمل على الحفاظ عليها، سواء كانوا نساء أو رجالا”.