12/8/2025–|آخر تحديث: 22:19 (توقيت مكة)
قد تبدو المناديل المعطرة عنصرا أساسيا في قائمة مشترياتك الشهرية، خاصة إذا كان لديك طفل صغير، إذ تُستخدم كثيرا لتنظيف بشرته. وربما تعتقد أن هذا يعزز النظافة ويحميك ويحمي طفلك ومحيطك من الجراثيم، لكن ما قد لا تتوقعه هو أن لهذه المناديل آثارا سلبية قد تفوق ما تظنه، إذ يمكن أن تشكل خطرا على الصحة العامة وتؤثر سلبا على بشرتك وبشرة طفلك.
لذلك، قبل أن تضع عبوة المناديل المعطرة في عربة التسوق مرة أخرى، من المهم أن تتعرف على تأثيراتها الصحية في السطور التالية.
مكونات المناديل المعطرة
غالبا ما تحتوي المناديل المعطرة على مزيج من المكونات التي قد تؤثر على صحة الجسم، سواء بشكل إيجابي أو سلبي. ومن أبرز هذه المكونات: العطور، والمواد الحافظة، وبعض المواد الكيميائية. ورغم أن بعض هذه المواد قد تمتلك خصائص مضادة للبكتيريا، فإن مكونات أخرى، مثل العطور والمواد الحافظة، يمكن أن تسبب تهيج الجلد أو تحسسا، خاصة لدى أصحاب البشرة الحساسة.
وبحسب تقرير نشرته الغارديان، يُستخدم حاليا نحو 4 آلاف مادة كيميائية لتعطير المنتجات، لكنك لن تجد أسماء هذه المواد مدرجة على ملصقات المنتجات التي تشتريها، إذ لا تُلزم الشركات بالإفصاح عنها.
ويوضح التقرير ذاته أن تركيبات العطور تعتبر “سرا تجاريا” وبالتالي تكون محمية من الإفصاح، حتى للجهات التنظيمية أو المصنّعين. بدلا من ذلك، تظهر على الملصق كلمة واحدة، هي: “عطر”، لكن ما يجب أن تدركه أنت أن رائحة واحدة مثل الفواكه أو الزهور أو المسك، قد تحتوي على ما يتراوح بين 50 و300 مادة كيميائية مختلفة.
من هنا، قد تكون العطور التي تندرج تحت مكونات المناديل المعطرة مصدرا رئيسيا للتهيج وردود الفعل التحسسية، لأنها غالبا ما تحتوي على مزيج معقد من المواد الكيميائية. تقول جانيت نودلمان، مديرة السياسات في منظمة شركاء الوقاية من سرطان الثدي، والمؤسس المشارك لحملة مستحضرات التجميل الآمنة: “لا توجد أي سلطة حكومية أو عالمية تتأكد من سلامة المواد الكيميائية المستخدمة في العطور، أو تعرف حتى ما المواد الكيميائية المستخدمة”.
ومن بين المكونات التي قد تسبب آثارا صحية أيضا المواد الحافظة، والتي تُستخدم لمنع نمو الفطريات والخميرة والبكتيريا. ومن أبرز هذه المواد ميثيل كلورو إيزوثيازولينون، التي يعاني كثيرون من حساسية تجاهها.
استُخدمت هذه المادة لأول مرة في أوروبا خلال سبعينيات القرن الماضي، وفي الولايات المتحدة في الثمانينيات. وكانت التوصية الأوروبية الأصلية تسمح بتركيز يصل إلى 30 جزءا في المليون، وهو ما تسبب في العديد من ردود الفعل التحسسية. لاحقا، جرى تعديل التوصيات لتقليل التركيز إلى 15 جزءا في المليون في المنتجات التي تُغسل، و7.5 أجزاء في المليون في مستحضرات التجميل التي تُترك على الشعر.
وبحلول عام 2005، كانت بعض شركات مستحضرات التجميل تستخدم تركيزات من ميثيل كلورو إيزوثيازولينون تتراوح بين 50 و100 جزء في المليون في منتجاتها، وهو ما أدى إلى زيادة التقارير عن ردود فعل تحسسية تجاه هذه المادة، وكذلك تجاه ميثيل إيزوثيازولينون أو مزيجهما معا. ولا يزال ميثيل كلورو إيزوثيازولينون يُستخدم بكثرة اليوم في العديد من منتجات التجميل والعناية بالبشرة، ومنها المناديل المعطرة، بما في ذلك مناديل الأطفال والمناديل المخصصة للاستخدام المنزلي.
ويمكن أن تتسبب هذه المكونات في الإصابة بالتهاب الجلد التماسي التحسسي لدى بعض الأشخاص، وهو رد فعل مناعي يحدث عند من لديهم حساسية مفرطة تجاه مواد كيميائية معينة. وفي هذه الحالة، قد لا تظهر أعراض الالتهاب إلا بعد مرور 24 إلى 36 ساعة من ملامسة المادة المسببة للحساسية، نظرا لأن الاستجابة المناعية للجسم تستغرق وقتا لتتطور. وتشمل الأعراض الشائعة احمرار الجلد وظهور بثور وحكة شديدة، وفي الحالات المزمنة يصبح الجلد سميكا وجافا ومتقشرا.

خطر صامت
قد تتجاوز المخاطر مجرد ردود الفعل التحسسية أو احمرار الجلد والتهابه، إذ يمكن أن تكون أكثر خطورة. ومن بين الأسباب المحتملة لذلك البارابينات، وهي مجموعة من المواد الحافظة الصناعية التي تُستخدم على نطاق واسع في مستحضرات التجميل ومنتجات العناية الشخصية لمنع نمو البكتيريا والفطريات. ورغم فعاليتها في إطالة مدة صلاحية المنتجات، فإن هناك مخاوف متزايدة بشأن آثارها الصحية المحتملة.
وتشير الدراسات إلى أن البارابينات قد تُحدث خللا في وظائف الهرمونات، ما قد يسهم في مشكلات مثل اضطرابات الإنجاب وزيادة خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان. وقد تم بالفعل اكتشاف آثار لهذه المادة في عينات من أنسجة مريضات سرطان الثدي، الأمر الذي يثير احتمالية وجود صلة بين البارابينات والإصابة بالسرطان.
كذلك، أفادت دراسة أجرتها منظمة شركاء الوقاية من سرطان الثدي عام 2018، اختبرت نحو 140 منتجا من منتجات العناية الشخصية لبعض العلامات التجارية، أن 3 أرباع المواد الكيميائية السامة التي تم اكتشافها، خلال الاختبار، جاءت من “العطور”. وقد ارتبطت المواد الكيميائية التي تم تحديدها بمشاكل صحية مزمنة، بما في ذلك الإصابة بالسرطان والعيوب الخلقية واضطرابات الهرمونات وغيرها من الآثار الصحية الضارة.

البدائل الآمنة
لتنظيف اليدين، يبقى الخيار الأمثل دائما هو الصابون والماء. اختر صابونا خاليا من العطور والمواد الكيميائية القاسية، واستخدم ماء دافئا، مع غسل اليدين لمدة لا تقل عن 20 ثانية.
ويمكنك أيضا استخدام قطعة قماش أو منشفة قطنية مبللة بالماء الدافئ لتنظيف يديك أو يدي طفلك، ثم تجفيفهما بمنشفة نظيفة. ولإضافة رائحة لطيفة، يمكن وضع قطرة من زيت اللافندر الطبيعي، مع تجنب استخدامه للأطفال أو على الجروح من دون استشارة الطبيب.
أما في حال عدم توفر الماء والصابون، فيمكن اللجوء إلى معقم اليدين الذي يحتوي على كحول إيثيلي بنسبة 60-70%.
ولتنظيف الوجه، يكفي استخدام ماء دافئ مع قطعة قماش ناعمة لمسح الوجه بلطف، ويمكن إضافة ماء ورد طبيعي لترطيب البشرة ومنحها رائحة عطرة.
وفي حال كانت بشرة طفلك جافة، يُفضل وضع مرهم أو لوشن فقط على المناطق الجافة، مع تجنب تماما استخدام منتجات العناية بالبشرة المعطرة.