لم تعد الطائرات المسيرة مجرد سلاح يمكن استخدامه على هامش الحرب بعد النجاحات الكبيرة التي حققتها في حروب السنوات الأخيرة ومنها الحرب الروسية الأوكرانية التي تلعب هذه الطائرات دورا مؤثرا فيها.
فقد تناولت حلقة 2025/7/23 من برنامج “شبكات” تحول المسيّرات التي كانت مجرد لعبة إلى سلاح غيَّر العقيدة القتالية في الحروب الحديثة وقوّض موازين الردع القديمة بين الدول؛ بحيث أصبحت الهيمنة الجوية جزئية وممكنة حتى لقوى غير تقليدية، دونما حاجة إلى بنية لوجستية معقدة ومقاتلات باهظة الثمن.
وخلال الحرب الروسية الأوكرانية، تحولت هجمات المسيرات إلى جزء من الروتين اليومي، واعتمد الأوكرانيون عليها لضرب مستودعات النفط والقواعد المتمركزة في عمق روسيا.
ومع رد موسكو السريع بشنّ هجمات بالمسيرات على محطات الكهرباء والرادارات في عمق أوكرانيا، ستزدهر صناعة المسيرات القتالية في البلدين.
مسيّرة روسية جديدة
فقبل أيام قليلة، عرضت قناة “زفيزدا” التلفزيونية التابعة لوزارة الدفاع الروسية مشاهد من داخل مصنع ضخم للمسيّرات في جمهورية تتارستان الروسية، وتحديدا في المنطقة الصناعية بكازان -وهي منطقة معروفة بقدراتها في الصناعات التقنية والطيران- وينتج آلاف المسيرات شهريا.
وقد طور المصنع نسخة جديدة من مسيرة “غيران تو” (Geran-2) الانتحارية التي يماثل تصميمها تصميم “شاهد 136” الإيرانية. ويصل مدى الطائرة الجديدة إلى ألفي كيلومتر، وذلك يعني إمكانية وصولها إلى العاصمة الأوكرانية كييف.
تزن هذه المسيرة نحو 200 كيلوغرام، وتحمل من 30 إلى 50 كيلوغراما من المتفجرات، وتحلق بسرعة 185 كيلومترا في الساعة، وهي قليلة التكلفة مقارنة بالصواريخ التقليدية.
وتطلق موسكو هذه المسيرات بأعداد كبيرة لإغراق الدفاعات الجوية الأوكرانية واستنزافها، خاصة أنها صعبة الرصد بسبب صغر حجمها وطيرانها المنخفض.
وتفاعلت مواقع التواصل مع معادلة الردع الجديدة التي أدخلتها المسيرات في ساحات الحرب، إذ وصفتها الناشطة مايا عادل بالورقة الرابحة في الحروب الحديثة. واستدلت على ذلك بالحربين الروسية الأوكرانية والإسرائيلية الإيرانية.
كذلك كتب أحمد “هذه مسيرات شاهد الإيرانية التي أعطت إيران تكنولوجيا تصنيعها لروسيا بعدما غرقت في وحل أوكرانيا”، مضيفا “لقد غيَّرت هذه المسيرات موازين المعركة وتقليل كلفة الخسائر، وتستخدم للإغراق الجوي لاستنزاف الدفاعات”.
أما فادي مسعود فكتب “إذا روسيا عندها كل هذا التقدم التكنولوجي، ليش لحد الآن ما انتصرت بالحرب وضمت أوكرانيا لأراضيها؟ أعتقد الهدف من هذا الفيديو إبراز القوة العسكرية أمام الغرب إنه ترى إحنا مو خايفين”. وكتب وائل “روسيا تنتج مسيرات وأوكرانيا تنتج أيضا. أوكرانيا مدعومة من أهم دول الغرب بالخبرات التي ستزيد من دفاعاتها”.
بدورها، طورت أوكرانيا قدراتها في مجال “الدرونات” بسرعة وابتكار كبيرين. ففي ربيع 2024، أعلنت كييف تأسيس “قوة الأنظمة غير المأهولة” (Unmanned Systems Forces)، لتكون فرعا رابعا مستقلا إلى جانب القوات البرية والجوية والبحرية.
ولدى أوكرانيا حاليا أكثر من 500 شركة محلية تصنع قطع طائرات أو طائرات كاملة، ويصل إنتاجها الشهري إلى 200 ألف مسيرة، أبرزها من طراز “FPV” الانتحارية.
وبفضل المسيّرات، تمكنت كييف من استهداف العمق الروسي بفاعلية كبيرة. فخلال عملية “سبايدرويب”، استهدف الأوكرانيون قواعد جوية إستراتيجية في العمق الروسي لضرب 41 طائرة إستراتيجية روسية، مثل “توبوليف 95″، وقدّرت خسائر هذه الضربة آنذاك بأكثر من 7 مليارات دولار.
كذلك استهدفت المسيرات الأوكرانية مستودعات الوقود والقواعد لإضعاف الإمدادات اللوجستية الروسية، مما رفع كلفة الحرب على موسكو.
23/7/2025–|آخر تحديث: 20:55 (توقيت مكة)