23/7/2025–|آخر تحديث: 09:19 (توقيت مكة)
قالت صحيفة الإيكونوميست إن الرئيس التنفيذي لشركة “شاومي” الصينية لي جون، أثبت نفسه منذ تأسيس الشركة عام 2010 كواحد من أنجح المسوّقين في العالم، بعد أن حطّم الرقم القياسي العالمي ببيع 2.1 مليون هاتف ذكي عبر الإنترنت خلال 24 ساعة فقط. لكن اليوم، لم يعد الرجل يبيع هواتف فقط، بل سيارات كهربائية تُحدث صدى واسعا.
ففي الشهر الماضي، وخلال 3 دقائق فقط من إطلاقها، باعت شاومي أكثر من 200 ألف وحدة من طراز “يو7″، وهو ثاني طراز كهربائي تنتجه الشركة بعد سيارة “سو7” الرياضية التي أُطلقت في مارس/آذار من العام الماضي. وبذلك، تُسجّل شاومي اختراقا في قطاع السيارات، كان محور إخفاق لآبل، التي أنهت مشروعها بعد خسائر بمليارات الدولارات امتدت لعقد كامل.
300 ألف سيارة كهربائية وطوابير انتظار لعام
وأشارت الصحيفة إلى أن شاومي، التي أعلنت دخولها سوق السيارات الكهربائية في 2021، وضعت حتى الآن أكثر من 300 ألف سيارة كهربائية على الطرقات الصينية خلال 15 شهرا فقط، مع وجود قوائم انتظار تمتد لأكثر من عام.

ورغم أن قطاع السيارات في الشركة لا يزال يسجّل خسائر، فإن “لي جون” صرّح بأن الربحية ستبدأ في وقت لاحق من هذا العام، وهي نتيجة تُعد استثنائية في سوق السيارات الصينية المعروفة بضراوة المنافسة.
ويرى محللو الإيكونوميست أن نجاح شاومي يعود جزئيا إلى توفّر الخبرات الصينية الضخمة في تصنيع السيارات، وسهولة إنشاء المصانع في وقت قياسي مقارنة بالدول الغربية، فضلا عن انخفاض أسعار المكونات والمعدّات نتيجة فائض الإنتاج المحلي.
لكن جزءا كبيرا من النجاح يعود، بحسب الصحيفة، إلى القيادة الشخصية للي جون، الذي تولّى بنفسه إدارة المشروع، بخلاف ما فعله تيم كوك في آبل.
من دون مصانع إلى الإنتاج الكامل
وقبل دخول قطاع السيارات، كانت شاومي تعتمد على التصنيع الخارجي، كما تفعل آبل. لكن عند دخولها سوق السيارات، أنشأت مصنعا مملوكا بالكامل لها في بكين، وتعمل حاليا على توسيعه.
وقد تبنّت هذا النموذج لاحقا في قطاعات أخرى، حيث بدأت الشركة في تصنيع هواتفها بنفسها العام الماضي داخل منشأة جديدة في بكين، وتبني حاليا مصنعا في ووهان لإنتاج الأجهزة المتصلة، بدءا بمكيفات الهواء.
وتشير الإيكونوميست إلى أن هذه الخطوة تمثل تحولا هيكليا عميقا في نموذج أعمال شاومي، يهدف إلى تعزيز الرقابة وتوفير الكفاءة، كما يسهم في تقليل الاعتماد على الموردين الخارجيين ورفع حواجز المنافسة.
قاعدة جماهيرية هائلة
وبفضل شعبية لي جون شبه الأسطورية في الصين، نجحت شاومي في خلق ولاء جماهيري فريد، شبيه بما تمتع به ستيف جوبز سابقا. يُعرف معجبو شاومي بـ”مي فانس”، ويقتنون تذكارات الشركة ويتسابقون لشراء كل منتج جديد.
وقد حافظت الشركة على زخم منتجاتها حتى بعد حادث مأساوي في مارس/آذار، عندما قُتل 3 طلاب جامعيين في حادث سيارة “سو7” أثناء تفعيل نظام القيادة الذاتية.

ورغم الانتقادات التي طالت معايير السلامة، وهبوط مؤقت في سعر السهم، فإن الطلب على سيارة “يو7” لم يتأثر عند إطلاقها بعد 3 أشهر فقط. ووفقا لتقرير الإيكونوميست، فإن هذه القدرة على تجاوز الأزمات تعكس قوة العلامة وثقة السوق في نموذج شاومي.
700 مليون مستخدم وأسواق واعدة في الخارج
وقالت الصحيفة إن شاومي تستفيد من قاعدة مستخدمين عالمية ضخمة بلغت 700 مليون مستخدم شهري بنهاية 2024، بزيادة 10% عن العام السابق. ونصف أرباح الشركة تقريبا تأتي من الإعلانات والألعاب على متجر التطبيقات الخاص بها، كما يشتري العديد من المستخدمين منتجاتهم مباشرة من تطبيق شاومي، مما يُسهّل على الشركة الترويج والتسويق للمنتجات الأعلى ثمنا مثل السيارات.
وتضيف الإيكونوميست أن كثيرا من هؤلاء المستخدمين الصينيين كانوا في أوائل العشرينيات عندما اشتروا أول هاتف شاومي، وهم اليوم في منتصف الثلاثينيات، وهم الفئة العمرية المثالية لاستهدافها بالسيارات.
10 آلاف متجر جديد والتصدير في 2027
وتخطط الشركة لافتتاح 10 آلاف متجر جديد في الخارج خلال السنوات المقبلة، مقارنة بعدد لم يتجاوز بضع مئات فقط في العام الماضي. وتهدف من ذلك إلى رفع الوعي بعلامتها التجارية، خاصة في الأسواق التي لا تتمتع فيها بالولاء نفسه الموجود في الصين. وبحسب الإيكونوميست، فإن التوسع الخارجي سيبدأ فعليا بتصدير السيارات في عام 2027.
ورغم الشكوك حول ضعف معرفة المستهلك الأجنبي باسم شاومي أو شخصية لي جون، فإن الشركة تعوّل على إستراتيجية التجزئة المباشرة لبناء الثقة تدريجيا.

وتشير الإيكونوميست إلى أن شاومي وسعت طموحاتها لتشمل الروبوتات والشرائح الإلكترونية المتقدمة، حيث كشفت في مايو/أيار عن شريحة بتقنية ثلاثية النانومتر من تصميمها، كما طورت روبوتا بشري الشكل باسم “سيبر ون”.
وتمثل فرق البحث والتطوير نحو نصف عدد موظفي الشركة، مع إنفاق بلغ 3.4 مليارات دولار في عام 2024، بزيادة 26% عن العام السابق، وهو رقم يتجاوز صافي أرباح الشركة نفسها، مما يُبرز التزامها العميق بتطوير تقنياتها من الداخل.
التحدي الأكبر.. تعدد الجبهات
ورغم كل هذا الصعود، تؤكد صحيفة الإيكونوميست أن الخطر الأكبر الذي يواجه شاومي هو خوضها معارك كثيرة في وقت واحد.
فالشركة لا تزال لاعبا صغيرا في سوق السيارات الكهربائية، إذ تبيع فقط 20 ألف سيارة شهريا مقارنة بـ200 ألف لدى “بي واي دي” الرائدة في السوق. أما في سوق الهواتف، فتواجه عودة قوية لمنافسها المحلي هواوي.
ومع ذلك، تختم الصحيفة بتحذير واضح: “لا ينبغي الاستهانة بقدرات لي جون في التسويق والهيمنة التدريجية”.