12/7/2025–|آخر تحديث: 19:45 (توقيت مكة)
مع تزايد استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في صناعة المحتوى البصري، ظهرت إشكاليات قانونية غير معتادة، بعد أن أصبح بإمكان شركات الإنتاج استنساخ وجوه الممثلين وأصواتهم رقميا، بعلمهم أو من دون علمهم وموافقتهم، مما يفتح الأبواب لاستخدامات غير قانونية قد تستمر بعد وفاتهم.
وقد أعرب عدد من النجوم عن قلقهم من استغلال أصواتهم وملامحهم سلعة رقمية، بعد أن وقع بعضهم عقودا تمنح تلك الشركات حقوقا مفتوحة لاستخدام صورهم وأصواتهم مدى الحياة، بينما هدد البعض الآخر باتخاذ خطوات قانونية تصعيدية احترازية لحماية صورهم البشرية من الانتهاك والتشويه والسرقة الرقمية.
ندم متأخر وعقود غير عادلة
تعد الممثلة غلين كلوز من أبرز النجوم الذين عبّروا علنا عن قلقهم من استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في استنساخ صورهم وأصواتهم، وأكدت خلال مشاركتها في مهرجان صندانس رفضها القاطع لاستخدام ملامحها أو صوتها في أي إنتاج رقمي. كما عبّرت عن مخاوفها من التداخل المتزايد بين الحقيقة والتزييف نتيجة لهذه التقنيات.
أما النجم روبرت داوني جونيور، فقد أوضح -في مقابلة مع وكالة أسوشيتد برس- عزمه اتخاذ إجراءات قانونية ضد أي جهة تستنسخ شخصيته رقميا دون إذن صريح، سواء أثناء حياته أو بعد وفاته. ولفت إلى أن فريقه القانوني يبحث حاليا في آليات الحماية الممكنة، في ظل تأخر التشريعات عن مواكبة هذا النوع من الانتهاكات.
وفي المقابل، وقع عدد من الممثلين الشباب ضحايا لعقود رقمية غير منصفة، مقابل مبالغ زهيدة، دون إدراكهم الكامل للتبعات. ومن بينهم الممثل الأميركي آدم كوي الذي باع حقوق استخدام صوته وصورته لشركة “إم سي إم” (MCM) مقابل ألف دولار فقط. وبعد أشهر، فوجئ بانتشار فيديوهات لنسخة رقمية منه تروّج لعلاجات مزيفة أو تتنبأ بكوارث، رغم أنه لم يصور أو يوافق على أي منها. وعلى الرغم من استيائه، لم يتمكن كوي من حذف تلك الفيديوهات، إذ لا تمنع بنود العقد سوى الاستخدامات المتعلقة بالإباحية أو منتجات التبغ والخمر.
خطورة سهولة الاستخدام وانخفاض التكاليف
أحد أهم الأسباب التي تعزز من انتشار المحتوى الرقمي المصنوع، بواسطة الذكاء الاصطناعي، هو سهولة الصنع وانخفاض التكاليف، حيث لا يتطلب صنع فيديو كامل سوى نصف يوم تصوير أمام شاشة خضراء، مع قراءة النصوص والتعبير عن عدة مشاعر. ويستطيع الذكاء الاصطناعي بعد ذلك إنتاج محتوى رقمي بأي لغة وأي وجه وأي نبرة صوت، وهناك بعض الشركات التي تتيح صنع فيديو كامل مجانا أو بمئات الدولارات.
ورغم سهولة صنع المحتوى البصري بالذكاء الاصطناعي، فإن هناك مخاطر كبيرة، تتعلق باحتمالات استعمال الشخصيات الرقمية للممثلين دون رقابة، أو بمحتوى مضلل، خاصة أن هناك العديد من الذين وقعوا عقودا غير قابلة للإلغاء تتضمن بنود استغلال لشخصياتهم الرقمية.
نقابة الممثلين الأميركية تفرض معايير رادعة
فرضت نقابة الممثلين الأميركية قواعد صارمة لتنظيم استخدام الأصوات والنسخ الرقمية المولدة عبر الذكاء الاصطناعي في مجال الإعلانات، وذلك من خلال إصدار وثيقة تُعرف باسم “إعفاء الإعلانات الصوتية الديناميكية باستخدام الذكاء الاصطناعي” (Dynamic A.I. Audio Commercials Waiver).
وتنص هذه الوثيقة على ضرورة الحصول على موافقة مسبقة وصريحة من الممثلين قبل استخدام أصواتهم، مع ضمان حصولهم على تعويض مادي عن كل نسخة تُستخدم. كما تحدد الاتفاقية مدة زمنية لاستخدام النسخة، وتشترط حذفها فور انتهاء التعاقد.
وفي خطوة مهمة، وقعت النقابة اتفاقا رسميا مع منصة “نايرتيف” (Narrative) يتضمن بندا يلزم بألا تقل أجور الممثلين عن الحد الأدنى المعتمد من النقابة. ويُعد هذا الاتفاق أول تحرك تنظيمي من نوعه يضع إطارا واضحا لاستخدام الذكاء الاصطناعي في الإعلانات الصوتية.

خدمات رقابية لحماية النجوم
في مواجهة الانتشار المتزايد لاستغلال الشخصيات الرقمية للنجوم، أطلقت بعض الوكالات الفنية والتقنية خدمات رقابية متقدمة لحماية الفنانين. ومن بين هذه المبادرات، قدّمت وكالة “سي إيه إيه” (CAA) خدمة تخزين المسح ثلاثي الأبعاد لوجوه وأصوات وحركات الفنانين، مما يمنحهم القدرة على التحكم الكامل في استنساخهم الرقمي وتحديد شروط ومواضع استخدام شخصياتهم. كما توفر هذه التقنية ميزة إضافية تتمثل في كشف أي استخدام غير مصرح به لشخصياتهم الرقمية.
وفي السياق ذاته، اعتمدت وكالة “دبليو إم إي” (WME) نظام شراكة مع شركة “لوتي” التي توفر آلية رقابية ترصد الاستخدام غير القانوني لهويات النجوم الرقمية، وتُفعّل إجراءات فورية لحذف المحتوى المخالف.
وقد تسهم هذه الخطوات في استعادة السيطرة على عمليات التزوير الرقمي، وتحد من مخاطر استغلال الصور والأصوات الرقمية للفنانين دون موافقتهم، خاصة في ظل غياب أطر قانونية واضحة تنظم هذا النوع من الانتهاكات حتى الآن.